على أن التحريم ثابت بالشرع ثم حلّله قال : فإنه يكون رادا للشرع (١). اه.
والمعتمد عند الشافعية عدم إطلاق تكفير منكر المجمع عليه ، قال النووي في «الروضة» : ليس تكفير جاحد المجمع عليه على إطلاقه ، بل من جحد مجمعا عليه فيه نص ، وهو من الأمور الظاهرة التي يشترك في معرفتها الخواص والعوام ، كالصلاة وتحريم الخمر ونحوهما فهو كافر ، ومن جحد مجمعا عليه لا يعرفه إلا الخواص ؛ كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب ونحوه ، فليس بكافر. قال : ومن جحد مجمعا عليه ظاهرا لا نص فيه ففي الحكم بتكفيره خلاف (٢). اه.
وقال ابن دقيق العيد في «شرح العمدة» أول كتاب القصاص : أطلق بعضهم أن مخالف الإجماع يكفر ، والحق أن المسائل الإجماعية تارة يصحبها التواتر عن صاحب الشرع ، كوجوب الخمس وقد لا يصحبها ، فالأول يكفر جاحده لمخالفته التواتر ، لا لمخالفة الإجماع ، قال : وقد وقع في هذا المكان من يدعي الحذق في المعقولات ويميل إلى الفلسفة ، فظن أن المخالفة في حدوث العالم من قبيل مخالفة (٣) الإجماع ، وأخذ من قول من قال : إنه لا يكفر مخالف الإجماع أنه لا يكفر المخالف في هذه المسألة ، وهذا كلام ساقط بمرة ، لأن حدوث العالم مما اجتمع فيه الإجماع والتواتر بالنقل عن صاحب الشرع ، فيكفر المخالف بسبب مخالفة النقل المتواتر ، لا بسبب مخالفة الإجماع (٤).
(وأما التبري من كل دين يخالف دين الإسلام فإنما شرطه بعضهم) أي : بعض العلماء ، ومنهم جمهور الشافعية في حق من اعتبروا إتيانه به (لإجراء أحكام الإسلام) عليه (من الصلاة خلفه ودفنه في مقابر المسلمين إلى آخر أحكام المسلمين) كعصمة الدم والمال ونكاح المسلمات وغيرها ، (في حق) متعلق بالمصدر وهو «إجراء» أي : إنما شرطه بعضهم لإجراء أحكام المسلمين في حق (بعض أهل الكتاب الذين يوحدون الله تعالى ، ويقولون : إن محمدا عليه) الصلاة و (السلام إنما أرسل إلى المشركين من العرب أو غيرهم) لا إلى أهل الكتاب ،
__________________
(١) انظر : البرهان في أصول الفقه ، للجويني ، ١ / ٧٢٤.
(٢) الروضة ، للنووي ، ١ / ٦٦٧.
(٣) ليست في (ط).
(٤) شرح العمدة ، ٤ / ٨٤ ـ ٨٥.