كالعيسوية من اليهود ، وهم أتباع أبي عيسى الأصبهاني اليهودي (١) يقول إنه أرسل إلى العرب خاصة دون بني إسرائيل ، فلا يكتفي في إسلام من يعتقد ذلك بالإتيان بالشهادتين فقط ، بل لا بدّ أن يأتي بما يدل على براءته من كل دين يخالف الإسلام ، بأن يأتي بلفظ البراءة أو (٢) يقول : محمد رسول الله إلى جميع الخلق.
واعلم أن اعتقاد العيسوية ونحوهم يتضمن ما يستلزم بطلانه ؛ لأن اعتقادهم نبوته صلىاللهعليهوسلم يتضمن اعتقاد عصمته من الكذب في إخباره ، وقد تواتر إخباره بأنه رسول الله إلى الناس كافة ؛ العرب وغيرهم ، فإخراج البعض من عموم رسالته إبطال لما يتضمنه اعتقادهم من عصمته ، فيكون إبطالا لاعتقادهم.
وفي معنى العيسوية بعض من النصارى يقولون : إنه يبعث في آخر الزمان كما صرح به النووي في كتاب الظهار من «التنقيح شرح الوسيط» (٣).
هذا وقول المصنف : «إن هذا التبري إنما يشترطه بعضهم في حق بعض أهل الكتاب» يؤذن بأن الاكتفاء في حق غيرهم مطلقا بالشهادتين محل وفاق وليس كذلك.
فالمعتمد عند الشافعية أن من كان كفره باعتقاد إباحة أمر علم تحريمه من الدين ضرورة ، أو تحريمه أمر علم حلّه من الدين ضرورة لا يصح إسلامه حتى يأتي بالشهادتين ، ويبرأ مما اعتقده ، وإن اليهودي المشبه لا يصح إسلامه حتى يشهد أن محمدا رسول الله جاء بنفي التشبيه.
وهذا كله بالنسبة لإجراء أحكام الإسلام ، (لا) بالنسبة (لثبوت الإيمان) له واتصافه به فيما بينه وبين الله تعالى ، (فإنه لو اعتقد عموم الرسالة وتشهّد) أي : أتى بالشهادتين (فقط كان مؤمنا عند الله ، إذ يلزم اعتقاده ذلك التبري) بالرفع على الفاعلية ، و «اعتقاده» مفعول مقدم ، ووجه اللزوم أن اعتقاد عموم الرسالة مع اعتقاد التوحيد بالألوهية يستلزم اعتقاد انتفاء كل ما ينافي ذلك ، وهو معنى التبري المذكور هنا.
__________________
(١) العيسوية أتباع أبي عيسى الأصبهاني اليهودي : وهم الذين يزعمون أن محمدا وعيسى عليهماالسلام إنما بعثا إلى قومهما ولم يبعثا بنسخ شريعة موسى عليهالسلام.
(٢) في (م) : و.
(٣) ذكره النووي في التنقيح شرح الوسيط ، في كتاب الصلاة ، عند الكلام عن صفات المؤذن ، ٢ / ٥٤ ، وليس في كتاب الظهار كما قال الشارح ، اعتمادا منا على النسخة المحققة المطبوعة.