(ولم يشترطه بعضهم) أي : بعض العلماء ومنهم بعض الشافعية لم يشترطوه في حق هذا أيضا ، كما لا يشترط في حق غيره كالثنوي والوثني (١) ، إذ يكتفي من كل منهما بالشهادتين (لأنه عليه الصلاة والسلام كان يكتفي بالتشهد منهم) أي : من أهل الكتاب مطلقا ، (وقد نقل إسلام عبد الله بن سلام في صحيح البخاري (٢) ، وليس فيه) أي : في إسلامه المنقول في البخاري (زيادة على التشهد) أي : الإتيان بالشهادتين ، (و) نقل أيضا (غير ذلك) أي : غير إسلام عبد الله بن سلام من وقائع كثيرة في هذا المعنى (٣) (ما يكاد إنكاره أن يكون إنكارا للضرورة).
(ويجاب) عن هذا (بأن كل من كان بحضرته) صلىاللهعليهوسلم من كتابي أو مشرك فقد (سمع منه ادعاء عموم الرسالة) لكل واحد ، (فإذا شهد أنه رسول الله لزم تصديقه) إجمالا (في كل ما يدعيه) وتفصيلا فيما علمه من ذلك تفصيلا ، لدلالة المعجزة على صدقه في كل ما أخبر به عن الله عزوجل ، ومما يدعيه عموم الرسالة ، وقد علمه.
وهذا (بخلاف الغائب) عن حضرته صلىاللهعليهوسلم (فإنه لم يسمع منه) ادعاء عموم الرسالة ، (فتمكنت الشبهة في إسلامه) أي : دخوله في الإسلام (بمجرد التشهد ، لجواز أن ينسب إلى الناس الافتراء في ادعاء العموم) أي : عموم الرسالة (جهلا) منه (بثبوت التواتر عنه) صلىاللهعليهوسلم (به (٤)) أي : بالعموم.
(هذا وفي تلك التفاصيل) المتقدم ذكرها المندرجة تحت الشهادتين (تفاصيل اختلف فيها) هل التصديق بها داخل في مسمى الإيمان ، حتى يكون إنكارها كفرا؟ أو ليس بداخل فلا يكون إنكارها كفرا؟ وهذه مسألة شهيرة (و) هي أنه (قد اختلف) أي : اختلف أهل السنة (في تكفير المخالف) في بعض العقائد (بعد الاتفاق) منهم (على أن ما كان من أصول الدين وضرورياته) وهذا العطف
__________________
(١) الوثنيون : هم عبدة التماثيل والأصنام ؛ ما يصنع ويصور مشبها ، اشتهر ظهورهم في الجزيرة العربية ، وقد جاء الإسلام وقضى على العبادة في الجزيرة العربية ، ولكنها لا زالت في كثير من أصقاع العالم ، ولو بأشكال مختلفة.
(٢) الحديث طويل وموجود في صحيح البخاري كتاب فضائل الصحابة باب كيف آخى النبي صلىاللهعليهوسلم بين أصحابه رقم ٣٧٢٣ ، وهو مروي عن أنس بن مالك : «أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي صلىاللهعليهوسلم المدينة فأتاه يسأله عن أشياء ... إلى أن قال : أشهد ألا إله إلا الله وأنك رسول الله» ... إلى آخر الحديث.
(٣) وهي وقائع كثيرة جدا ، لا يحصرها كتاب.
(٤) ليست في (ط).