صرح بأنه مجرد التصديق لظواهر من الأدلة (كقوله تعالى : (زادَتْهُمْ إِيماناً) (سورة الأنفال : ٢)) من ((١) قوله تعالى في سورة الأنفال : (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) (١)) (سورة الأنفال : ٢) ، وقوله تعالى في سورة التوبة : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) (سورة التوبة : ١٢٤) (ونحوه) كقوله تعالى : (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) (سورة المدثر : ٣١) ، (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ (١٧)) (سورة محمد : ١٧) ، (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) (سورة الفتح : ٤) ، (وعن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما (قلنا : يا رسول الله إن الإيمان يزيد وينقص؟ قال : «نعم ؛ يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة ، وينقص حتى يدخل صاحبه النار» (٢)) رواه أبو إسحاق الثعالبي في تفسيره ، من رواية علي بن عبد العزيز عن حبيب بن عيسى بن فروخ عن إسماعيل بن عبد الرحمن عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
(وقالوا :) أي : القائلون بأن الإيمان مجرد التصديق (لا مانع) عقلا (من ذلك) أي : من كون الإيمان بمعنى التصديق يزيد وينقص ، قالوا : (بل اليقين الذي هو مضمون التصديق) لكونه أخص من التصديق (يتفاوت قوة) أي : من جهة القوة (في نفسه) وله في القوة مراتب مبتدئة (من أجلى البديهيات) ككون الواحد نصف الاثنين ، منتهية (إلى أخفى النظريات القطعية) التي منها كون العالم حادثا ، (ولذا) أي : لتفاوته (قال) السيد إبراهيم (الخليل) على نبينا و (عليه) الصلاة و (السلام حيث خوطب بقوله) تعالى : ((أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (سورة البقرة : ٢٦٠)) فطلب الترقي في الإيمان ، وسيأتي تأويل قول إبراهيم : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (سورة البقرة : ٢٦٠) بما يزيد المقام وضوحا (٣).
(والحنفية ومعهم إمام الحرمين وغيره) وهم بعض الأشعرية (لا يمنعون الزيادة والنقصان باعتبار جهات هي) أي : تلك الجهات (غير نفس الذات) أي : ذات التصديق (بل بتفاوته) أي : بسبب تفاوت الإيمان باعتبار تلك الجهات (٤) (يتفاوت المؤمنون) عند الحنفية ومن وافقهم ، لا بسبب تفاوت ذات التصديق ،
__________________
(١) سقط من (م).
(٢) الحديث أخرجه الثعالبي في تفسيره ، ١ / ١٩٣ ، وقال بعض أهل العلم إن الحديث بهذا اللفظ كذب ، انظر : الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ، ص ٣٤٤.
(٣) في ص ٣٧٠.
(٤) وهذه الجهات هي جهات الطاعات والمعاصي ، فالتفاوت فيها لا في أركان الإيمان ؛ لأن الركن جزء من الماهية ، ولا يتصور التكثر في جزء الماهية دونها كمالا يتصور تفاوت في نفس التصديق.