«سبحان الله» و «الحمد لله») ونحوهما ، (بل كل متكلم في أي غرض فرض ، وإن لم يوافق) كلامه (نظم القرآن إلا في أجزاء) منه (قد قام به) هذا خبر «كون» أي : يلزم على ما ذكرتم كون كل ذاكر بل كل متكلم قد قام به (ما ليس بمخلوق من معاني كلام الله تعالى) وذلك ما لا يقوله ذو لب ، (إذ منها) أي : من تلك الأجزاء (ما) أي : جزء (يطابق المعنى القائم بذاته تعالى ، إذ قلّ أن لا يشتمل كلام على كلمة مثلها) واقع (في القرآن ، فإن كان قيام ما ليس بمخلوق به) أي : بالمتكلم لغرض من الأغراض (باعتبار موافقة لفظه لفظ القرآن فلا تخصوا الإيمان ، بل كل متكلم) يلزم قيام ما ليس بمخلوق به (كما قلنا ، وإن كان) قيام ما ليس بمخلوق به (باعتبار قصده قراءة القرآن بذلك النظم لم يلزم مدّعاهم) من كون الإيمان غير مخلوق ، (فإن المتلفظ بالشهادتين إقرارا) أي :
لأجل الإقرار (بالتصديق) ((١) أو حال كون تلفظه إقرارا بالتصديق (١)) (لم يقصد قراءة القرآن) إنما قصد الإقرار بالتصديق.
(ونص كلام أبي حنيفة) رحمهالله (في «الوصية» صريح في خلق الإيمان) وليس المراد «الوصية» التي كتبها لعثمان البتّى بفتح الباء الموحدة وتشديد المثناة فقيه البصرة في الرد على المبتدعة (٢) ، بل المراد «الوصية» التي كتبها لأصحابه في مرض موته حين سألوه أن يوصيهم وصية على طريق أهل السنة والجماعة ، (حيث قال :) في هذه الوصية (نقرّ بأن العبد مع) جميع (أعماله وإقراره ومعرفته مخلوق) اه.
قال المصنف : (ثم نقول : الذي نعتقده أن القائم بقارئ القرآن كلّه) بالرفع مبتدأ (حادث) خبره ، والجملة خبران ، وإنما حكمنا بأن ما يقوم به حادث ؛ (لأن القائم به إن كان مجرد التلفظ) ((٣) وهو المعنى المصدري (٣)) (والملفوظ) ((٤) وهو المعنى الحاصل بالمصدر (٤)) ، (بأن كان غير متدبر) لما يتلو (أصلا ، وإنما يشرع لسانه في محفوظه) حال كونه أي : القارئ (غير واع لما يقول أصلا ولا متعقل
__________________
(١) سقط من (م).
(٢) عثمان البتي : فقيه البصرة ، أبو عمرو ، بياع البتوت وهي الأكسية الغليظة ، ابن مسلم وقيل أسلم وقيل سليمان ، أصله من الكوفة ، حدّث عن مالك والشعبي وحدث عنه شعبة وسفيان وغيرهم ، وثقه أحمد ، والرسالة التي بينه وبين أبي حنيفة هي رسالة رد فيها أبو حنيفة على البتي لاتهامه إياه بالإرجاء. (السير ، ٦ / ١٤٨ ، وانظر : الوصية ، لأبي حنيفة أو وصية أبي حنيفة ، ص ٤٢).
(٣) في (م) : وهو المعنى الحاصل بالمصدر.
(٤) سقط من (م).