«الجسم حادث» أو : «إعادته بعد فنائه حق» فقد حمل على المعلوم ما صار معه عقيدة دينية.
وإذا قيل : «الجسم مركب من الجواهر الفردة» مثلا .. فقد حمل على المعلوم ما صار معه مبدأ لعقيدة دينية ، فإن تركّب الجسم دليل على افتقاره إلى الموجد له.
وإنما عدل المصنف عن قول «المواقف» و «المقاصد» (١) أن موضوعه : «المعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية» ؛ لأنه يتناول محمولات مسائله فإنها معلومات ؛ وحيثية تعلق إثبات العقائد الدينية معتبرة فيها.
واعلم أن اللائق تسمية ما يجب للباري تعالى وما يمتنع في حقه صفات لا أحوالا ؛ لإشعار الحال بالتحول والانتقال وهو على الباري تعالى محال ، ولكنهم توسّعوا بإطلاق الأحوال على ما يعمها في بيان موضوع علم الكلام بعد إطلاقهم ذلك في تعريف الموضوع الشامل لموضوعات العلوم كلها ، فقالوا : «موضوع كل علم ما يبحث في ذلك العلم عن أحواله الذاتية» أي التي تلحقه لذاته أو لجزئه أو لخارج عنه مساو له.
وبينوا أن من موضوع علم الكلام «المحدثات» إذ يبحث فيه عن أحوالها من حيث تعلقها بالعقائد الدينية ـ على ما مر ـ.
وأما مسائله فهي : القضايا النظرية الشرعية (٢) الاعتقادية.
وأما غايته فهي : أن يصير الايمان والتصديق بالأحكام الشرعية محكما.
__________________
(١) انظر : المواقف ، ص ٧ ، وشرح المقاصد ، ١ / ١٦٧ ، مع وجود (العلوم) مكان (المعلوم) في المقاصد في بعض النسخ.
(٢) قيدها بالشرعية ؛ للاحتراز من التسيب والاندفاع مع نظر العقول بدون ضوابط ، فلا بد أن تؤخذ الاستدلالات النظرية من الشرع ، كما قال ابن خلدون : وفق قانون الشرع حتى يعتد بها ، وإلا تحول العلم إلى جدل وسفسطة فيما لا يطيقه العقل.