هذا الإيراد وجوابه بقوله : (ومباحث الإمامة ليست منه بل) هي (من المتمّمات) (١).
وبيان ذلك : أن مباحث الإمامة من الفقه بالمعنى المتعارف ؛ لأن القيام بها من فروض الكفايات ، وذلك من الأحكام العملية دون الاعتقادية ، ومحل بيانها كتب الفروع وهي مسطورة فيها.
وإنما كانت متممة في علم الكلام لأنه لمّا شاعت في الإمامة من أهل البدع اعتقادات فاسدة ، مخلة بكثير من القواعد الإسلامية ، مشتملة على قدح في الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم ، أدرجت في علم الكلام لشدة الاعتناء بالمناضلة عن الحق فيها ، تتميما لفائدة علم الكلام.
على أن بعضهم أدخلها في تعريف الكلام فقال : «هو البحث عن أحوال الصانع تعالى والنبوة والإمامة والمعاد ، وما يتصل بذلك» (٢) ، ووجه إدخالها : أن من مباحثها ما هو اعتقادي لا عملي ؛ كاعتقاد أن الإمام الحق بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، واعتقاد أنهم في الفضل كذلك ، والخلاف في ذلك ـ كما سنبينه في محله إن شاء الله تعالى ـ.
وفي الإتيان ب «من» في قوله : «من المتممات» تنبيه على أن في علم الكلام من المتممات غيرها كالكلام في التوبة ؛ لأنه من مباحث الفروع أيضا.
(وموضوعه) أي : موضوع علم الكلام الذي يبحث فيه عن أحواله الذاتية ، ومنه تؤخذ جهة وحدته التي باعتبارها يعد علما واحدا ويمتاز عن سائر العلوم هو : (المعلومات التي يحمل عليها ما) أي : شيء (تصير معه عقيدة دينية ، أو مبدأ لذلك) فإنه يبحث فيه عما يجب للباري تعالى ؛ كالقدم ، والوحدة ، والعلم ، والقدرة ، والإرادة ونحوها ، وعما يمتنع عليه ؛ كالحدوث ، والتعدد ، والجسمية ونحوها ، وعن أحوال الجسم والعرض ؛ من الحدوث ، والافتقار ، والتركب من الأجزاء ، وقبول الفناء ونحوها ، وكل ذلك بحث عن أحوال المعلوم ، فإذا قيل : «الباري تعالى قديم» أو : «الباري تعالى واحد» أو : «عليم» أو نحوها ، أو :
__________________
(١) اعتبار الإمامة من المتممات درج عليه المتكلمون منذ بداية القرن الثاني كرد فعل تجاه القائلين ببطلان إمامة الصديق وعمر وعثمان ، فأدرجت ضمن ما يجب اعتقاده ثم تطور الأمر إلى أن أصبحت من متممات علم الكلام.
(٢) انظر نسبة التعريف في شرح المقاصد ، ١ / ١٨٠ ، وقد نسبه التفتازاني إلى الأرموي والسمرقندي.