الوصف بالكمية والتركيب من الأجزاء والحد والمقدار ، وأما الثاني : فحاصله انتفاء المشابهة له تعالى بوجه من الوجوه حتى يستحيل أن يوجد واجبان فأكثر ، وهذه الاستحالة هي التي عقد هذا الأصل لإثباتها بالدليل.
(استدل) لإثباتها (الامام الحجة) أي : حجة الإسلام الغزالي (١) (بقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (سورة الأنبياء : ٢٢)) فقال : وبرهانه ـ فساق الآية ـ ، ثم قال : (وبيانه) أي : بيان البرهان وهو الآية ، فمرجع الضمير في عبارة الحجة البرهان وهو الآية ، وفي عبارة المصنف : هو قوله تعالى ... إلخ وهو الآية ، فالمعنى فيهما واحد ، والمراد على كل منهما بيان وجه دلالتها ، وهو أنه (لو كانا اثنين) يعني لو فرض وجود اثنين كل منهما متصف بصفات الألوهية التي منها الإرادة وتمام القدرة و (أراد أحدهما أمرا ، فالثاني إن كان مضطرا إلى مساعدته كان هذا الثاني مقهورا عاجزا ولم يكن إلها قادرا ، وإن كان الثاني (٢) قادرا على مخالفته ومدافعته كان الثاني قويا قاهرا والأول ضعيفا قاصرا فلم يكن إلها قاهرا» انتهى) وفي نسخ «الإحياء» هنا : «قادرا» بدل «قاهرا».
(وهذا) الذي ذكره حجة الإسلام (ابتداء) لتقرير برهان التوحيد لا للزوم الفساد المذكور في الآية (فليس بيانا للآية ، وإنما بيانها بيان لزوم الفساد على تقدير التعدد) ، ولك أن تقول : بل ما ذكره الحجة بيان للآية وتقرير لدلالتها ببرهان التوحيد المعروف ب «برهان التمانع» بناء على ما في الآية من الإشارة إليه ، كما سيأتي التنبيه عليه في كلام العلّامة العلاء البخاري. (٣)
[وإن كان تقرير «شرح العقائد» لبرهان التمانع على وجه آخر (٤) ، فهو يرجع إليه] وإنما يكون ابتداء التقرير بالنظر إلى عبارة الآية فإن معناها : لزوم الفساد بتقدير التعدد ، وها نحن نقرره فنقول :
الكلام في إثبات التوحيد ((٥) بلزوم الفساد عند التعدد كما نطقت به الآية (٥)) ، إما أن يكون مع الملّيّ أو مع غيره ، وهل المراد بالملي من اتبع ملة نبي من
__________________
(١) انظر : إحياء علوم الدين ، ١ / ١٥٩.
(٢) ليست في (م).
(٣) العلاء البخاري : هو محمد بن محمد بن محمد البخاري الحنفي ، علاء الدين ، من تلامذة التفتازاني ، والتنبيه سيأتي في ص ٥٣.
(٤) شرح العقائد ، ص ٣٣.
(٥) سقط من (م).