المطلوب منه وأهليته ، وكلامنا فيه ، والعلم بهما كاف في اندفاع الاستحالة.
(فليعقل قيام الطلب الذي دلّ عليه قوله تعالى : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) (سورة طه : ١٢) بذات الله تعالى) أزلا (ومصير موسى) عليه الصلاة والسلام (مخاطبا به) أي : بذلك الطلب (بعد وجوده) أي : بعد وجود السيد موسى (وخلق معرفته به) أي : بذلك الطلب (إذ سمع) أي : وقت سماع السيد موسى (لذلك الكلام القديم).
و «سمع» يتعدى باللام تارة كما جرى عليه المصنف ، ويتعدى بنفسه أخرى ، فمن الأول : «سمع الله لمن حمده» ، ومن الثاني : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ) (سورة المجادلة : ١).
(هذا قول) إمام السنة الشيخ أبي الحسن علي بن إسماعيل (الأشعريّ ، أعني : كون الكلام النفسي مما يسمع) فقد اختلف أهل السنة في كون الكلام النفسي مسموعا (١) ؛ فذهب الأشعري إلى أن السماع يتعلق بكل موجود كما تتعلق الرؤية به ، والكلام النفسي موجود ، (قاسه) أي : قاس الأشعري سماع الكلام النفسي الذي ليس بصوت ولا حرف (على رؤية ما ليس بلون) قياسا (٢) ألزم به من خالفه من أهل السنة ، لاتفاقهم على جواز الرؤية ووقوعها في الآخرة فقال : (فكما عقل رؤية ما ليس بلون ولا جسم فليعقل سماع ما ليس بصوت) وهو لا يكون إلا بطريق خرق العادة كما نبه عليه القاضي أبو بكر الباقلاني (٣).
(واستحال) الإمام أبو منصور (الماتريدي سماع ما ليس بصوت) وهو الذي ذهب إليه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني.
ولا يتحقق ما يصلح أن يكون محلا للخلاف بينهما وبين الأشعري ؛ لأنه إما أن يفرض الكلام في الاستحالة عقلا فلا يتأتى إنكار إمكان أن يخلق للقوة
__________________
(١) سماع الكلام النفسي يكون بحاسة السمع لدى الإنسان (النبي) ، مع الاعتقاد أن كلام الله ليس من جنس كلام الآدميين ولا مشابها لكلام المخلوقين ، بل هو مخالف لسائر الأجناس والأصوات وأبنية اللغات ، فالله تعالى قادر على أن يخلق في الإنسان القابلية لسماع كلامه مباشرة من غير أن يؤدي ذلك إلى مشابهة أصوات المخلوقة.
(٢) ليست في (م).
(٣) انظر : التمهيد ، ص ١١٠.