(فصل الوجه السادس والثلاثون) قول المسيح في الإنجيل الذي بأيديهم وقد ضرب مثل الدنيا فقال : «كرجل اغترس كرما وسيج حوله ، وجعل فيه معصرة ، وشيد فيه قصرا ، ووكل به أعوانا ، وتغرب عنه ، فلما دنا أوان قطافه بعث عبده إلى أعوانه الموكلين بالكرم» ثم ضرب مثلا للأنبياء ولنفسه ، ثم للنبي الموكل آخرا بالكرم ، ثم أفصح عن أمته فقال : «وأقول لكم سيزاح عنكم ملك الله ، وتعطاه الأمة المطيعة العاملة» ، ثم ضرب لنبي هذه الأمة مثلا بصخرة وقال : «من سقط على هذه الصخرة سينكسر ، ومن سقطت عليه ينهشم» وهذه صفة محمد ومن ناوأه وحاربه من الناس لا تنطبق على أحد بعد المسيح سواه.
(فصل الوجه السابع والثلاثون) قول شعيا في صحفه «لتفرح أرض البادية العطشى ولتبتهج البراري والفلوات لانها ستعطى بأحمد محاسن لبنان ومثل حسن الدساكير» وتالله ما بعد هذا إلا المكابرة وجحد الحق بعد ما تبين.
(فصل الوجه الثامن والثلاثون) قول حزقيل في صحفه التي بأيديهم يقول الله عزوجل ـ بعد ما ذكر معاصي بني إسرائيل وشبههم بكرمة غذاها وقال لم ـ تلبث الكرمة ان قلعت بالسّخطة ورمى بها على الأرض وأحرقت السمائم ثمارها ، فعند ذلك غرس في البدو وفي الأرض المهملة العطشى وخرجت من أغصانها الفاضلة نار أكلت تلك الكرمة حتى لم يوجد فيها غصن قوي ولا قضيب» وهذا تصريح لا تلويح به صلىاللهعليهوسلم ، وببلده وهي مكة العطشى المهملة من النبوة قبله من عهد إسماعيل.
(فصل الوجه التاسع والثلاثون) ما في صحف دانيال وقد نعت الكشدانيين الكذابين فقال : «لا تمتد دعوتهم ولا يتم قربانهم ، وأقسم الرب بساعده أن لا يظهر الباطل ولا يقوم لمدع كاذب دعوة اكثر من ثلاثين سنة» وفي التوراة ما يشبه هذا ، وهذا تصريح بصحة نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، فإن الذين اتبعوه بعد موته أضعاف أضعاف الذين اتبعوه في حياته وهذه دعوته قد مرت عليها القرون من السنين وهي باقية مستمرة وكذلك إلى آخر الدهر ، ولم يقع هذا لملك قط فضلا عن كذاب مفتر على الله وأنبيائه مفسد للعالم مغير لدعوة الرسل ، ومن ظن هذا بالله فقد ظن به أسوأ الظن وقدح في علمه وقدرته وحكمته.