فأخبرني بسطام بن مسلم أن معاوية بن قرة قال : تذاكرنا الكتاب إلى ما صار فمر علينا شهر بن حوشب فدعوناه فقال على الخبير سقطتم : إن الكتاب كان عند كعب فلما احتضر قال إلا رجل ائتمنه على أمانة يؤديها؟ قال شهر : فقال ابن عم لي يكني أبا لبيد : أنا ، فدفع إليه الكتاب ، فقال : إذا بلغت موضع كذا فاركب قرقورا ثم أقذف به في البحر ففعل ، فانفرج الماء فقذفه فيه ورجع إلى كعب فأخبره فقال صدقت إنه من التوراة التي أنزلها الله عزوجل.
(فصل) ومن ذلك «أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي» ونحن نذكر بعضها. قال الزبير بن بكار : حدثني عمي مصعب ، عن مصعب بن عثمان ، قال : كان أمية قد نظر في الكتب وقرأها ولبس المسوح تعبدا ، وكان ممن ذكر إبراهيم وإسماعيل والحنيفية وحرم الخمر والأوثان والتمس الدين ، وطمع في النبوة لأنه قرأ في الكتب أن نبيا يبعث من العرب فكان يرجو أن يكون هو ، فلما بعث الله محمدا صلىاللهعليهوسلم قيل له : هذا الذي كنت تبشر به وتقول فيه ، فحسده عدو الله وقال أنا كنت أرجو أن اكون هو ، فانزل الله عزوجل فيه : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) [الأعراف : ١٧٥] وهو الذي يقول :
كل دين يوم القيامة عند الله إلا دين الحنيفية زور
قال الزبير وحدثني عمر بن أبي بكر المؤملي ، قال : كان أمية بن أبي الصلت يلتمس الدين ويطمع في النبوة فخرج إلى الشام فمر بكنيسة ، وكان معه جماعة من العرب من قريش وغيرهم فقال أمية : أن لي حاجة في هذه الكنيسة فانتظروني ، فدخل الكنيسة ثم خرج إليهم كاسفا متغيرا فرمى بنفسه ، فاقاموا عليه حتى سرى عنه ، ثم مضوا فقضوا حوائجهم ، ثم رجعوا فلما صاروا إلى الكنيسة قال لهم انتظروني ودخل الكنيسة فأبطأ ثم خرج أسوأ من حاله الأول ، فقال له أبو سفيان بن حرب : قد شققت على رفقتك ، فقال : خلوني فإني أرتاد لنفسي وأطلب لمعادي ، وأن هاهنا راهبا عالما أخبرني أنه سيكون بعد عيسى ست رجفات وقد مضت منها خمس وبقيت واحدة ، فخرجت وأنا أطمع أن أكون نبيا وأخاف أن يخطئني فأصابني ما رأيت ، فلما رجعت أتيته فقال قد كانت الرجفة وقد بعث نبي من العرب فأيست من النبوة فأصابني ما رأيت إذ فاتني ما