الليل فطرح ثوبيه ثم رمي بنفسه على فراشه ، فو الله ما نام ولا قام حتى أصبح مبثوثا حزينا لا يكلمنا ولا نكلمه ، فرحلنا فسرنا ليالي ، ثم قال : يا صخر حدثني عن عتبة بن ربيعة أيجتنب المحارم والمظالم؟ قلت : أي والله ، قال : أو يصل الرحم ويأمر بصلتها؟ قلت نعم ، قال : فكريم الطرفين وسيط في العشيرة؟ قلت نعم : قال : فهل تعلم قرشيا أشرف منه؟ قلت لا والله ، قال : أمحوج هو؟ قلت لا بل هو ذو مال كثير ، قال كم أتى له من السنين؟ قلت هو ابن سبعين أو قد قاربها ، قال : فالسن والشرف أزريا به ، قلت والله بل زاده خيرا قال هو ذاك ، ثم أن الذي رأيت بي إني جئت هذا العالم فسألته عن هذا الذي ينتظر ، فقال رجل من العرب من أهل بيت تحجه العرب ، فقلت : فينا بيت تحجه العرب ، قال هو من إخوانكم وجيرانكم من قريش ، فأصابني شيء ما أصابني مثله إذ خرج من يدي فوز الدنيا والآخرة وكنت أرجو أن أكون أنا هو ، فقلت : فصفه لي؟ فقال : رجل شاب حين دخل في الكهولة ، بدء أمره أنه يجتنب المحارم والمظالم ، ويصل الرحم ويأمر بصلتها ، وهو كريم الطرفين ، متوسط في العشيرة ، أكثر جنده من الملائكة ، قلت : وما آية ذلك؟ قال : رجفت الشام منذ هلك عيسى ابن مريم عدة رجفات كلها فيها مصيبة ، وبقيت رجفة عامة فيها مصيبة ، يخرج على أثرها فقلت هذا هو الباطل ، لئن بعث الله رسولا لا يأخذه إلا مسنا شريفا ، قال أمية : والذي يحلف به إنه لهكذا ، فخرجنا حتى إذا كان بيننا وبين مكة ليلتان أدركنا راكبا من خلفنا فإذا هو يقول أصابت الشام من بعدكم رجفة دثر أهلها فيها فأصابتهم مصائب عظيمة ، فقال أمية كيف ترى يا أبا سفيان؟ فقلت : والله ما أظن صاحبك إلا صادقا ، وقدمنا مكة ثم انطلقت حتى اتيت ارض الحبشة تاجرا وكنت فيها خمسة اشهر ثم قدمت مكة فجاءني الناس يسلمون عليّ وفي آخرهم محمد وهند تلاعب صبيانها ، فسلم عليّ ورحب بي ، وسألني عن سفري ومقدمي ، ثم انطلق فقلت والله إن هذا الفتى لعجب ما جاءني من قريش أحد له معي بضاعة إلا سألني عنها وما بلغت ، والله إن له معي لبضاعة ما هو بأغناهم عنها ثم ما سألني عنها فقالت : أو ما علمت بشأنه؟ فقلت ـ وفزعت ـ وما شأنه؟ قالت : يزعم أنه رسول الله فذكرت قول النصراني فوجمت ، ثم قدمت الطائف فنزلت على أمية فقلت : هل تذكر حديث