أقبل؟ قال : أبى ، ونهض فأتبعه أمية بصره ، فقال لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما ، محفوف بالنعم محوط بالذنب ، قال فرجع الطائر فوقع على صدره فشقه فاخرج قلبه فشقه ، فقال الأعلى : أوعى؟ قال : وعى ، قال : أقبل؟ قال أبى قال ونهض فاتبعهما طرفه فقال : لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما :
إن تغفر اللهم تغفر جما |
|
وأي عبد لك لا ألما |
ثم انطبق السقف وجلس أمية يمسح صدره ، فقلت يا أخي! هل تجد شيئا؟ قال : لا ولكني أجد حرا في صدري ، ثم أنشأ يقول :
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي |
|
في قلال الجبال أرعى الوعولا |
اجعل الموت نصب عينيك واحذر |
|
غولة الدهر إن للدهر غولا |
وقال مروان بن الحكم ، عن معاوية بن أبي سفيان عن أبي سفيان بن حرب ، قال : خرجت أنا وامية بن أبي الصلت تجارا إلى الشام ، فكان كلما نزلنا منزلا أخرج منه سفرا يقرؤه فكنا كذلك حتى نزلنا بقرية من قرى النصارى فرأوه فعرفوه وأهدوا له ، وذهب معهم إلى بيعتهم ، ثم رجع في وسط النهار فطرح نفسه واستخرج ثوبين أسودين فلبسهما ، ثم قال : يا أبا سفيان : هل لك في عالم من علماء النصارى إليه تناهي علم الكتب تسأله عما بدا لك؟ قلت : لا ، فمضى هو وحده وجاءنا بعد هدأة من الليل فطرح ثوبيه ثم انجدل على فراشه فو الله ما نام ولا قام حتى اصبح واصبح كئيبا حزينا ما يكلمنا ولا نكلمه ، فسرينا ليلتين على ما به من الهم. فقلت له : ما رأيت مثل الذي رجعت به من عند صاحبك ، قال : لمنقلبي ، قلت : وهل لك من منقلب؟ قال : إي والله لأموتن ولأحاسبن ، قلت : فهل أنت قابل اماني؟ قال : على ما ذا؟ قلت : على أنك لا تبعث ولا تحاسب ، فضحك وقال : بلى والله لتبعثن ولتحاسبن ، ولتدخلن فريق في الجنة وفريق في السعير ، قلت : ففي أيهما أنت أخبرك صاحبك؟ قال لا علم لصاحبي بذلك فيّ ولا في نفسه ، فكنا في ذلك ليلتنا يعجب منا ونضحك منه حتى قدمنا غوطة دمشق ، فبعنا متاعنا وأقمنا شهرين ثم ارتجلنا حتى نزلنا قرية من قرى النصارى فلما رأوه جاءوه وأهدوا له وذهب معهم إلى بيعتهم ، حتى جاءنا مع نصف النهار فلبس ثوبيه الأسودين وذهب حتى جاءنا بعد هدأة من