(فصل) والصنف الثاني «المثلثة» أمة الضلال وعباد الصليب ، الذين سبوا الله الخالق مسبّة ما سبّه إياها أحد من البشر ، ولم يقروا بأنه الواحد الاحد الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، ولم يجعلوه أكبر من كل شيء ، بل قالوا فيه ما (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ، وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) [مريم : ٩٠] ، فقل ما شئت في طائفة أصل عقيدتها ان الله ثالث ثلاثة ، وان مريم صاحبته وان المسيح ابنه ، وانه نزل عن كرسي عظمته والتحم ببطن الصاحبة ، وجرى له ما جرى الى أن قتل ومات ودفن ، فدينها عبادة الصلبان ، ودعاء الصور المنقوشة بالاحمر والاصفر في الحيطان ، يقولون في دعائهم : يا والدة الإله ارزقينا ، واغفري لنا وارحمينا! فدينهم شرب الخمور وأكل الخنزير ، وترك الختان ، والتعبد بالنجاسات ، واستباحة كل خبيث من الفيل الى البعوضة ، والحلال ما حلله القس والحرام ما حرمه ، والدين مشرعه ، وهو الذي يغفر لهم الذنوب ، وينجيهم من عذاب السعير.
(فصل) فهذا حال من له كتاب وأما من لا كتاب له : فهو بين عابد أوثان ، وعابد نيران وعابد شيطان ، وصابئ حيران يجمعهم الشرك ، وتكذيب الرسل ، وتعطيل الشرائع ، وانكار المعاد وحشر الاجساد ، لا يدينون للخالق بدين ، ولا يعبدونه مع العابدين ، ولا يوحدونه مع الموحدين. وأمة «المجوس» منهم تسفرش الامهات والبنات والاخوات ، دع العمات والخالات ، دينهم الزمر ، وطعامهم الميتة ، وشرابهم الخمر ، ومعبودهم النار ، ووليهم الشيطان ، فهم أخبث بني آدم نحلة ، وارداهم مذهبا ، وأسوأهم اعتقادا.
(وأما) «زنادقة الصابئة وملاحدة الفلاسفة» فلا يؤمنون بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا لقائه ، ولا يؤمنون بمبدإ ولا معاد ، وليس للعالم عندهم رب فعال بالاختيار لما يريد قادر على كل شيء ، عالم بكل شيء ، آمر ، ناه ، مرسل الرسل ، ومنزل الكتب ، ومثيب المحسن ، ومعاقب المسيء ، وليس عند نظارهم الا تسعة أفلاك وعشرة عقول وأربعة أركان ، وسلسلة ترتيب فيها الموجودات هي بسلسلة المجانين أشبه منها بمجوزات العقول. (وبالجملة) فدين الحنيفية الذي