أصناف» قد طبقوا الأرض : يهود ، ونصارى ، ومجوس ، وصابئة ، ومشركون وهذه الأصناف هي التي كانت قد استولت على الدنيا من مشارقها الى مغاربها.
فاما «اليهود» فاكثر ما كانوا باليمن وخيبر والمدينة وما حولها ، وكانوا بأطراف الشام مستذلين مع النصارى ، وكان منهم بأرض فارس فرقة مستذلة مع المجوس وكان منهم بأرض العرب فرقة وأعز ما كانوا بالمدينة وخيبر ، وكان الله سبحانه قد قطعهم في الأرض أمما وسلبهم الملك والعز وأما «النصارى» فكانوا طبق الأرض : فكانت الشام كلها نصارى ، وأرض المغرب كان الغالب عليهم النصارى وكذلك أرض مصر والحبشة والنوبة والجزيرة والموصل وأرض نجوان وغيرها من البلاد وأما «المجوس» فهم أهل مملكة فارس وما اتصل بها وأما «الصابئة» فاهل حران وكثير من بلاد الروم وأما «المشركون» فجزيرة العرب جميعها وبلاد الهند وبلاد الترك وما جاورها وأديان أهل الأرض لا تخرج عن هذه الاديان الخمسة ، ودين الحنفاء لا يعرف فيهم البتة ، وهذه الاديان الخمسة كلها للشيطان كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره : الاديان ستة واحد للرحمن وخمسة للشيطان : وهذه الاديان الستة مذكورة في آية الفصل في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [الحاج : ١٧] فلما بعث الله رسوله صلىاللهعليهوسلم استجاب له ولخلفائه بعده اكثر الاديان طوعا واختيارا ، ولم يكره أحدا قط على الدين ، وانما كان يقاتل من يحاربه ويقاتله ، وأما من سالمه وهادنه فلم يقاتله ولم يكرهه على الدخول في دينه امتثالا لامر ربه سبحانه حيث يقول : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) [البقرة : ٢٥٦] وهذا نفي في معنى النهي ، أي لا تكرهوا أحدا على الدين ، نزلت هذه الآية في رجال من الصحابة كان لهم أولاد قد تهودوا وتنصروا قبل الاسلام ، فلما جاء الاسلام أسلم الآباء وأرادوا اكراه الأولاد على الدين ، فنهاهم الله سبحانه عن ذلك حتى يكونوا هم الذين يختارون الدخول في الاسلام والصحيح ان الآية على عمومها في حق كل كافر ، وهذا ظاهر على قول من يجوز أخذ الجزية من جميع الكفار ، فلا يكرهون على الدخول في الدين ، بل اما أن يدخلوا في الدين وإما أن يعطوا