الْعالَمِينَ) [الأعراف : ٦١] ، وكذلك قال صالح! ولكن أمة الضلال كما أخبر الله عنهم يتبعون المتشابه ويردون المحكم. وفي الإنجيل أيضا أنه قال لليهود وقد قالوا له : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ) [المائدة : ١٨] ، فقال لهم : «لو كان الله أباكم لأطعتموني لأني رسول منه خرجت مقبلا ولم أقبل من ذاتي ولكن هو بعثني ، لكنكم لا تقبلون وصيتي وتعجزون عن سماع كلامي ، إنما أنتم ابناء الشيطان وتريدون إتمام شهواته» وفي الإنجيل «أن اليهود أحاطت به وقالت له إلى متى تخفي أمرك إن كنت المسيح الذي ننتظره فاعلمنا بذلك» ولم تقل إن كنت الله أو ابن الله فإنه لم يدع ذلك ولا فهمه عنه أحد من أعدائه ولا أتباعه. وفي الإنجيل أيضا : «أن اليهود أرادوا القبض عليه فبعثوا لذلك الأعوان وأن الأعوان رجعوا إلى قوادهم فقالوا لهم لم لم تأخذوه ، فقالوا ما سمعنا آدميا أنصف منه ، فقالت اليهود وأنتم أيضا مخدوعون أترون أنه آمن به أحد من القواد أو من رؤساء أهل الكتاب؟ فقال لهم بعض أكابرهم : أترون كتابكم يحكم على أحد قبل أن يسمع منه؟ فقالوا له اكشف الكتب ترى أنه لا يجيء من جلجال نبي» فما قالت اليهود ذلك إلا وقد أنزل نفسه بالمنزلة التي أنزله بها ربه ومالكه أنه نبي ، ولو علمت من دعواه الإلهية لذكرت ذلك له وأنكرته عليه وكان أعظم أسباب التنفير عن طاعته ، لأن كذبه كان يعلم بالحس والعقل والفطرة واتفاق الأنبياء.
ولقد كان يجب لله سبحانه ـ لو سبق في حكمته أنه يبرز لعباده ، وينزل عن كرسي عظمته ، ويباشرهم بنفسه ـ أن لا يدخل في فرج امرأة ، ويقيم في بطنها بين البول والنجو والدم عدة أشهر. وإذ فعل ذلك لا يخرج صبيا صغيرا ، يرضع ويبكي ، وإذا قد فعل ذلك ، لا يأكل مع الناس ويشرب معهم وينام ، وإذ فعل ذلك فلا يبول ولا يتغوط ويمتنع من الحرأة إذ هي منقصة ابتلى بها الإنسان في هذا الدار لنقصه وحاجته ، وهو تعالى المختص بصفات الكمال المنعوت بنعوت الجلال ، الذي ما وسعته سماواته ولا أرضه ، وكرسيه وسع السموات والأرض ، فكيف وسعه فرج امرأة تعالى الله رب العالمين .. وكلكم متفقون على أن المسيح كان يأكل ويشرب ويبول ويتغوط وينام.