وهو جعل الخشبة حيوانا عظيما ثعبانا ، فهذا أبلغ واعجب من إعادة الحياة إلى جسم كانت فيه أولا ، فإن قلتم هذا غير احياء الموتى فهذا اليسع النبي أتى باحياء الموتى وهم يقرون بذلك ، وكذلك إيليا النبي أيضا أحيا صبيا بإذن الله ، وهذا موسى قد أحيا بإذن الله السبعين الذين ماتوا من قومه ، وفي كتبكم من ذلك كثير عن الأنبياء والحواريين : فهل صار أحد منهم إلها بذلك؟!! وإن قلتم جعلناه إلها للعجائب التي ظهرت على يديه فعجائب موسى أعجب وأعجب ، وهذا إيليا النبي بارك على دقيق العجوز ودهنها فلم ينفد ما في جرابها من الدقيق وما في قارورتها من الدهن سبع سنين!! وإن جعلتموه إلها لكونه أطعم من الأرغفة اليسيرة آلافا من الناس فهذا موسى قد أطعم أمته أربعين سنة من المن والسلوى!! وهذا محمد بن عبد الله قد أطعم العسكر كله من زاد يسير جدا حتى شبعوا وملئوا أوعيتهم ، وسقاهم كلهم من ماء يسير لا يملأ اليد حتى ملئوا كل سقاء في العسكر ، وهذا منقول عنه بالتواتر؟! وان قلتم جعلناه إلها لأنه صاح بالبحر فسكنت أمواجه ، فقد ضرب موسى البحر بعصاه فانفلق اثني عشر طريقا وقام الماء بين الطرق كالحيطان ، وفجر من الحجر الصلد اثني عشر عينا سارحة!! وإن جعلتموه إلها لأنه أبرأ الأكمه والأبرص فإحياء الموتى أعجب من ذلك ، وآيات موسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أعجب من ذلك!! وإن جعلتموه إلها لأنه ادعى ذلك فلا يخلو إما أن يكون الأمر كما تقولون عنه أو يكون إنما ادعى العبودية والافتقار وأنه مربوب مصنوع مخلوق ، فإن كان كما ادعيتم عليه فهو أخو المسيح الدجال وليس بمؤمن ولا صادق فضلا عن أن يكون نبيا كريما وجزاؤه جهنم وبئس المصير ، كما قال تعالى : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٢٩] ، وكل من ادعى الإلهية من دون الله فهو من أعظم أعداء الله كفرعون ونمرود وأمثالهما من أعداء الله ، فأخرجتم المسيح عن كرامة الله ونبوته ورسالته وجعلتموه من أعظم أعداء الله ، ولهذا كنتم أشد الناس عداوة للمسيح في صورة محب موال!! ومن أعظم ما يعرف به كذب المسيح الدجال أنه يدعي الإلهية فيبعث الله عبده ورسوله مسيح الهدى ابن مريم فيقتله ، ويظهر للخلائق أنه كان كاذبا مفتريا ولو كان إلها لم يقتل فضلا عن أن يصلب ويسمر ويبصق في وجهه!! وإن كان المسيح إنما