عن العبودية بوجه من الوجوه؟! وإن جعلتموه إلها لأن الأنبياء سمته إلها وربا وسيدا ونحو ذلك فلم يزل كثير من أسماء الله عزوجل تقع على غيره عند جميع الأمم وفي سائر الكتب ، وما زالت الروم والفرس والهند والسريانيون والعبرانيون والقبط وغيرهم يسمون ملوكهم آلهة وأربابا ، وفي السفر الأول من التوراة «أن نبي الله دخلوا على بنات الياس ورأوهن بارعات الجمال فتزوجوا منهن» وفي السفر الثاني من التوراة في قصة المخرج من مصر «إني جعلتك إلها لفرعون» وفي المزمور الثاني والثمانين لداود «قام الله لجميع الآلهة» هكذا في العبرانية ، وأما من نقله إلى السريانية فانه حرفه فقال : «قام الله في جماعة الملائكة» وقال في هذا المزمور وهو يخاطب قوما بالروح : «لقد ظننت أنكم آلهة وأنكم أبناء الله كلكم» وقد سمى الله سبحانه عبده بالملك ، كما سمى نفسه بذلك ، وسماه بالرءوف الرحيم كما سمى نفسه بذلك ، وسماه بالعزيز وسمى نفسه بذلك. واسم الرب واقع على غير الله تعالى في لغة أمة التوحيد ، كما يقال هذا رب المنزل ورب الإبل ورب هذا المتاع ، وقد قال شعيا : «عرف الثور من اقتناه والحمار مربط ربه ولم يعرف بنو إسرائيل». وإن جعلتموه إلها لأنه صنع من الطين صورة طائر ثم نفخ فيها فصارت لحما ودما وطائرا حقيقة ولا يفعل هذا إلا الله ، قيل فاجعلوا موسى بن عمران إله الآلهة فانه ألقى عصا فصارت ثعبانا عظيما ثم أمسكها بيده فصارت عصا كما كانت!! وإن قلتم : جعلناه إلها لشهادة الأنبياء والرسل له بذلك ، قال عزرا حيث سباهم بختنصر إلى أرض بابل إلى أربعمائة واثنين وثمانين سنة : «يأتي المسيح ويخلص الشعوب والأمم» وعند انتهاء هذه المدة أتى المسيح ، ومن يطيق تخليص الأمم غير الإله التام ، قيل لكم : فاجعلوا جميع الرسل آلهة فانهم خلصوا الأمم من الكفر والشرك وخلصوهم من النار بإذن الله ، وحده ، ولا شك أن المسيح خلص من آمن به واتبعه من ذل الدنيا وعذاب الآخرة ، كما خلص موسى بني إسرائيل من فرعون وقومه ، وخلصهم بالإيمان بالله واليوم الآخر من عذاب الآخرة ، وخلص الله سبحانه بمحمد بن عبد الله صلىاللهعليهوسلم ، عبده ورسوله من الأمم والشعوب ما لم يخلصه نبي سواه فإن وجبت بذلك الإلهية لعيسى فموسى