وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج : ٧٨] وحكم سبحانه بانه أحسن الاديان ، ولا أحسن من حكمه ولا أصدق منه قيلا فقال : (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) [النساء : ١٢٥].
وكيف لا يميز من له أدنى عقل يرجع إليه بين دين قام أساسه وارتفع بناؤه على عبادة الرحمن ، والعمل بما يحبه ويرضاه مع الاخلاص في السر والاعلان ، ومعاملة خلقه بما أمر به من العدل والاحسان ، مع إيثار طاعته على طاعة الشيطان ، وبين دين أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار بصاحبه في النار لأنه أسس على عبادة النيران ، وعقد الشركة بين الرحمن والشيطان ، وبينه وبين الاوثان ، أو دين أسس بنيانه على عبادة الصلبان والصور المدهونة في السقوف والحيطان ، وأن رب العالمين نزل عن كرسي عظمته فالتحم ببطن انثى وأقام هناك مدة من الزمان ، بين دم الطمث في ظلمات الاحشاء تحت ملتقى الاعكان ، ثم خرج صبيا رضيعا يشب شيئا فشيئا ويبكي ويأكل ويشرب ويبول وينام ويتقلب مع الصبيان ، ثم أودع في المكتب بين صبيان اليهود يتعلم ما ينبغي للانسان ، هذا وقد قطعت منه القلفة حين الختان ، ثم جعل اليهود يطردونه ويشردونه من مكان الى مكان ، ثم قبضوا عليه وأحلوه أصناف الذل والهوان ، فعقدوا على رأسه من الشوك تاجا من أقبح التيجان ، وأركبوه قصبة ليس لها لجام ولا عنان ، ثم ساقوه إلى خشبة الصلب مصنوعا مبصوقا في وجهه وهم خلفه وأمامه وعن شمائله وعن الأيمان ، ثم أركبوه ذلك المركب الذي تقشعر منه القلوب مع الأبدان ، ثم شدت بالحبال يداه ومع الرجلان ، ثم خالطهما تلك المسامير التي تكسر العظام وتمزق اللّحمان وهو يستغيث : يا قوم ارحموني! فلا يرحمه منهم إنسان. هذا وهو مدبر العالم العلوي والسفلي الذي يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن ، ثم مات ودفن في التراب تحت صم الجنادل والصوّان ، ثم قام من القبر وصعد الى عرشه وملكه بعد أن كان ما كان ، فما ظنك بفروع هذا أصلها الذي قام عليه البنيان ، أو دين أسس بنيانه على عبادة الإله المنحوت بالايدي بعد نحن الافكار من سائر اجناس الأرض على اختلاف الانواع والاصناف