الضعف فلا تضعفي ، وكل سلاح يصنعه صانع فلا يكمل فيك ، وكل لسان ولغة تقوم معك بالخصومة تفلحين معها ، ويسميك الله اسما جديدا ـ يريد أنه سماها المسجد الحرام ـ فقومي فاشرقي فانه قد دنا نورك وقار الله عليك ، انظري بعينيك حولك ، فانهم مجتمعون يأتونك بنوك وبناتك عدوا فحينئذ تسرين وتزوهين ، ويخاف عدوك ، وليتسع قلبك ، وكل غنم قيذار تجتمع إليك ، وسادات نباوت يخدمونك» «ونباوت» هم أولاد نبت بن اسماعيل. «وقيذار» جد النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو أخو بنت ابن إسماعيل. ثم قال : «وتفتح ابوابك الليل والنهار لا تغلق ، ويتخذونك قبلة ، وتدعين بعد ذلك مدينة الرب».
(فصل الوجه السادس عشر) قوله أيضا في مكة : «سري واهتزي ايتها العاقر التي لم تلد وانطقي بالتسبيح ، وافرحي ولم تحبلي ، فان أهلك يكونون أكثر من أهلي» يعني باهله بيت المقدس ، ويعني بالعاقر مكة لأنها لم تلد قبل محمد النبي صلىاللهعليهوسلم ، نبيا ولا يجوز ان يريد بالعاقر بيت المقدس لأنه بيت الأنبياء ومعدن الوحي ، وقد ولد أنبياء كثيرا.
(فصل الوجه السابع عشر) قول أشعيا أيضا لمكة شرفها الله : «إني اعطي البادية كرامة لبنان وبهاء الكترمال» وهما الشام وبيت المقدس ، يريد أجعل الكرامة التي كانت هناك بالوحي ، في ظهور الأنبياء للبادية بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، وبالحج. ثم قال : «ويشق البادية مياه وسواق في الأرض الفلاة ، ويكون بالفيافي والأماكن العطاش ينابيع ومياه ، ويصير هناك محجة وطريق الحرم ، لا يمر به أنجاس الأمم ، والجاهل به لا يصل هناك ، ولا يكون بها سباع ولا أسد ، ويكون هناك ممرّ المخلصين».
(فصل الوجه الثامن عشر) قول أشعيا أيضا في كتابه عن الحرم «أن الذئب والجمل فيه يرتعان معا» إشارة إلى أمنه الذي خصه الله به دون بقاع الأرض ، ولذلك سماه «البلد الأمين ، وقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) [العنكبوت : ٦٧] ، وقال يعدد نعمه على أهله : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ ، رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش] ،