أبا ويدعي لي ابنا اللهم ابعث جاعل السنة كي يعلم الناس أنه بشر» وهذه أخبار عن المسيح ومحمد صلىاللهعليهوسلم ، قبل ظهورهما بزمن طويل ، يريد ابعث محمدا حتى يعلم الناس أن المسيح بشر ليس إلها ، وأنه ابن البشر لا ابن خالق البشر فبعث الله هادي الأمة وكاشف الغمة فبين للأمم حقيقة أمر المسيح وأنه عبد كريم ونبي مرسل ؛ لا كما ادعته فيه النصارى ولا كما رمته به اليهود.
(فصل الوجه الثالث عشر) قوله في نبوة شعيا : «قيل لي قم نظارا فانظر ما ترى تخبر به ، قلت أرى راكبين مقبلين احدهما على حمار والآخر على جمل ، يقول احدهما لصاحبه سقطت بابل واصنامها للبحر» وصاحب الحمار عندنا وعند النصارى هو المسيح وراكب الجمل هو محمد صلوات الله وسلامه عليهما ، وهو أشهر بركوب الجمل من المسيح بركوب الحمار ، وبمحمد صلىاللهعليهوسلم ، سقطت اصنام بابل لا بالمسيح ، ولم يزل في إقليم بابل من يعبد الأوثان من عهد إبراهيم الخليل إلى أن سقطت بمحمد صلىاللهعليهوسلم.
(فصل الوجه الرابع عشر) قوله في نبوة شعيا أنه قال عن مكة : «ارفعي إلى ما حولك بصرك ، فستبهجين وتفرحين من أجل أن الله تعالى يصير إليك ذخائر البحر ، وتحج إليك عساكر الأمم ، حتى تعم بك قطر الإبل المؤبلة ، وتضيق ارضك عن المقطرات التي تجتمع إليك ، وتساق إليك كباش مدين ، ويأتيك أهل سبأ وتسير إليك اغنام فاران ، وتخدمك رجل نباوت» يريد سدنة الكعبة وهم أولاد نبت ابن اسماعيل ، قالوا فهذه الصفات كلها حصلت لمكة ، فإنها حملت إليها ذخائر البحر ، وحج إليها عساكر الأمم ، وسيق إليها أغنام فاران هدايا وأضاحي وقرابين ، وضاقت الأرض عن قطرات الإبل المؤبلة الحاملة للناس وازوادهم ، وأتاها أهل سبأ وهم أهل اليمن.
(فصل الوجه الخامس عشر) قول اشعيا في مكة أيضا : «وقد اقسمت بنفسي كقسمي أيام نوح أني أغرق الأرض بالطوفان أني لا أسخط عليك ولا أرفضك ، وأن الجبال تزول وأن التلاع تنحط ورحمتي عليك لا تزول ، ثم قال : يا مسكينة ، يا مضطهدة! ها أنا ذا بان بالحسن حجارتك ، ومزاينك بالجواهر ، ومكلل باللؤلؤ سقفك وبالزبرجد أبوابك ، وتبعدين من الظلم فلا تخافي ، ومن