المضطهد البائس ممن هو أقوى منه وينقذ الضعيف الذي لا ناصر له ويرأف بالمساكين والضعفاء ويصلى عليه في كل وقت ويبارك» ولا يشك عاقل تدبر أمور الممالك والنبوات إلا وعرف سيرة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وسيرة امته من بعده أن هذه الأوصاف لا تنطبق إلا عليه وعلى أمته لا على المسيح ولا على نبي غيره ، فإنه حاز من البحر الرومي إلى البحر الفارسي ، ومن لدن الأنهار جيحون وسيحون والفرات إلى منقطع الأرض بالغرب ، وهذا مطابق لقوله صلىاللهعليهوسلم : «زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك امتي ما روى لي منها» وهو الذي يصلى عليه ويبارك في كل حين وفي كل صلاة من الصلوات الخمس وغيرها ، وهو الذي خرت أهل الجزائر بين يديه : أهل جزيرة العرب ، وأهل الجزيرة التي بين الفرات ودجلة ، وأهل جزيرة الأندلس ، واهل جزيرة قبرص ، وخضعت له ملوك الفرس فلم يبق فيهم إلا من أسلم أو أدى الجزية عن يد وهم صاغرون ، بخلاف ملوك الروم فان فيهم من لم يسلم ولم يؤد الجزية ، فلهذا ذكر في البشارة ملوك الفرس خاصة ، ودانت له الأمم التي سمعت به وبأمته ، فهم بين مؤمن به ومسالم له ومنافق معه وخائف منه ، وانقذ الضعفاء من الجبارين ؛ وهذا بخلاف المسيح فإنه لم يتمكن هذا التمكن في حياته ، ولا من اتبعه بعد رفعه إلى السماء ، ولا حازوا ما ذكر ، ولا يصلون عليه ويباركون في اليوم والليلة ، فإن القوم يدعون إلاهيته سدس ويصلون له.
(فصل الوجه العاشر) قوله في مزمور آخر «لترتاح البوادي وقراها ولتصير أرض قيذار مروجا ، ولتسبح سكان الكهوف ويهتفوا من قلل الجبال بحمد الرب ، ويذيعوا تسابيحه في الجو فمن أهل البوادي من الأمم سوى أمة محمد ، ومن «قيذار» غير ولد اسماعيل أحد أجداده صلىاللهعليهوسلم؟! ومن سكان الكهوف وقلل الجبال سوى العرب؟! ومن هذا الذي دام ذكره إلى الأبد غيره؟!
(فصل الوجه الحادي عشر) قوله في مزمور آخر : «إن ربنا عظم محمودا وفي مكان آخر» إلهنا قدوس ومحمد قد عم الأرض كلها فرحا» فقد نص داود على اسم محمد وبلده وان كلمته قد عمت الأرض».
(فصل الوجه الثاني عشر) قوله في الزبور لداود : «سيولد لك ولد ادعى له