وقد تقدّم ذلك فى يَعَاسِيب غيرِ النَّحْل وفى الحِرْباء واللُّصُوص ـ صِنْف من ذُكُورة النَّحْل تُخَاتِل النحْلَ فتَدْخُل بُيوتَها فتأكُل العَسَل ومتى ظَفِرت بها النحلُ فى مَثاوِيها قَتَلَتْها* قال أبو حاتم* اختَلفُوا فى الأمِير فقال بعضُهم هو الأنثَى وقال بعضهم هو الذكَرُ وقال مَن قال هو الأنثى الأَمِير تَبِيض النِّحَال والنِّحَال تَبِيض اليَمَاخِيرَ الواحد يَمْخُور قال بعضهم الأَمِير يبيضُ الأمراءَ والنِّحال ويخرُج فى كل بطنٍ يَمَاخِيرُ واللهُ أعلم أىّ ذلك هو الحقُّ واليَمَاخِير ـ من أعظم النَّحْل وأشدِّها سَوَادا وهى التى تَلزمُ المآبةَ لا تَكادُ تَبْرَحُها وهى تُقَلّل لأنَّها تأكُل العَسَل ولا تُعَسِّل وقد تكونُ الخَلِيَّة عاقِراً لا يَخْرُج فيها فَرْخ أبدا وذلك أنَّها لا يخْرُج فيها أمِير غيْر أميرِها الأوّلِ فاذا خَرَج فى البطْن منها أميرٌ أفْرقتْ وإفْرَاقُها ـ أن تخْرُج عن أُمَّهاتها فاذا خَرَج الفِرْق أخَذَ السماءَ ثم ضَبَأ وضُبُوءُه ـ اجتِماعُه على أَمِيره واذا لم يكُنْ مع النَّحْل يَعْسُوب فهو نَحْل ضابئٌ ولا تَصْلُح الا به ويقال للذى تَلْسَع به النَّحْلة الابْرة كما يقال للعَقْرَب فاذا لَسَعتِ النحلَةُ بَقِيتْ إبرَتُها فى الموضِع المَلْسوع وماتَتِ النَّحلةُ وإن طُلِبَت الابرَةُ وُجِدَت* أبو عبيد* جَرَست النَّحْلُ تَجْرُس وتَجْرِس جَرْسا ـ اذا أكلَتِ الشجَرَ لتُعَسِّلَ* أبو حنيفة* الجَرْس سَرْحُها ورَعْيُها اذا أخذت الشَّمَع من الزَّهْر أو العَسَلَ قال ساعدة
منها جَوَارِسُ للسَّرَاةِ وتَحْتَوِى |
|
كَرَباتِ أمْسِلَةٍ اذا تَتَصوَّبُ |
السَّرَاة ـ ظهرُ الجبَل والكَرَبَات ـ أَعالى الشِّعَاب الواحدة كَرْبة والأَمْسِلة جمع مَسِيل* وأنشد
وكأنَّ ما جَرَستْ على أعْضادِها |
|
لما استَقَلَّ بها الشَّرَائِعُ مَحْلَبُ |
فجعل الشَّمَع مما تَجْرُسه وتَرشُّفَها ما فى أعْماقِ النَّوْر من الحَلَاوة هو جَرْسُها العسَلَ وقد تقدم أنّ لَحْس البقرةِ وَلَدها جَرْس واذا كانتْ مَبَاءةُ النحلِ وهى مَأْوَاها وبيوتُها فى الجِبَال فهى المَباءَة والوَقْبَة والجَبْح والجَبْخ بالحاء والخاء والفتحِ والكسرِ والوَقْبَة ـ الجُحْر الغائِر والجَبْحِ ـ الشَّقُّ الضيِّقُ* قال الهذلى فى المباءة
تَنَمَّى بها اليَعْسُوبُ حتى أقَرَّها |
|
الى مَأْلَفٍ رَحْبِ المَبَاءةِ عاسِلِ |
والجمع أجْبَاحٌ وجِباحٌ وأجْباخٌ والنَّحَائِت ـ ما يعَسِّل فيه النحلُ مما يَتَّخِذُ له
__________________
ـ التعويل عليه ونحو ذوائب فى جمع ذوابة مما شذ عن القياس والشاذ لا يقاس عليه والدليل على صحة ما قلته من اثبات همزة آئب وتحقيقها قول النابغة تطاول حتى قلت ليس الذي يرعى النجوم بآئب وقول ابن زيابة يا لهف زيابه للحرت الصابح فالغاتم فالآثب وقول تأبط شرا فأبت الى فهم وما كدت آئبا وقول الاخنس بن شهاب قطير على أعجاز حوش كأنها جهام هراق ماء فهو آئب ونحو هذا كثير مما أجمعوا على روايته بالهمزة فقط وكتبه محققه محمد محمود لطف الله تعالى به آمين