المعتمد. وكان من أعيان ملوك الفرنج يقال له البرهنس ، معه كتاب كتبه رجل من فقهاء طليطلة تنصر ويعرف بابن الخياط ، فكان إذا عير قال : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) (١) والكتاب :
«من الانبراطور ذي الملّتين الملك أدفونش بن شانجة ، إلى المعتمد بالله ، سدد الله آراءه ، وبصره مقاصد الرشاد. قد أبصرت تزلزل أقطار طليطلة ، وحصارها في سالف هذه السّنين ، فأسلمتم إخوانكم ، وعطّلتم بالدّعة زمانكم ، والحذر من أيقظ باله قبل الوقوع في الحبالة. ولو لا عهد سلف بيننا نحفظ ذمامه نهض العزم ، ولكن الإنذار يقطع الأعذار ، ولا يعجل إلّا من يخاف الفوت فيما يرومه ، وقد حمّلنا الرّسالة إليك السّيد البرهانس ، وعنده من التّسديد الّذي يلقى به أمثالك ، والعقل الّذي يدبّر به بلادك ورجالك ، ما أوجب استنابته فيما يدق ويجلّ».
فلمّا قدم الرسول أحضر المعتمد الأكابر ، وقرئ الكتاب ، فبكى أبو عبد الله بن عبد البرّ وقال : قد أبصرنا ببصائرنا أنّ مآل هذه الأموال إلى هذا ، وأن مسالمة اللّعين قوّة بلاده ، فلو تضافرنا لم نصبح في التّلاف تحت ذلّ الخلاف ، وما بقي إلا الرجوع إلى الله والجهاد.
وأما ابن زيدون وابن لبون فقالا : الرأي مهادنته ومسالمته. فجنح المعتمد إلى الحرب ، وإلى استمداد ملك البربر ، فقال جماعة : نخاف عليك من استمداده. فقال : رعي الجمال خير من رعي الخنازير
جواب المعتمد بن عبّاد إلى الأدفونش
ثم أخذ وكتب جواب أدفونش بخطّه ، ونصّه :
الذلّ تأباه الكرام وديننا |
|
لك ما ندين به من البأساء |
سلمناك سلما ما أردت وبعد ذا |
|
نغزوك في الإصباح والإمساء |
الله أعلى من صليبك فادرع |
|
لكتيبة خطبتك في الهيجاء |
سوداء غابت شمسها في غيمها |
|
فجرت مدامعها بفيض دماء |
__________________
(١) سورة القصص ، الآية ٥٦.