سنة ثمانين وأربعمائة
عرس الخليفة المقتدي
في أوّلها عرس أمير المؤمنين على بنت السّلطان ملك شاه ، عند ما ذهب السّلطان للصيد. فنقل جهازها إلى دار الخليفة ، فيما نقل «ابن الأثير» (١) ، على مائة وثلاثين جملا مجلّلة بالدّيباج الروميّ ، وعلى أربعة وسبعين بغلا مجلّلة بألوان الدّيباج ، وأجراسها وقلائدها الذّهب ، فكان على ستّة بغال اثنا عشر صندوقا فيها الحلبيّ والمصاغ ، وثلاثة وثلاثون فرشا عليها مراكب الذّهب مرصّعة بأنواع الجوهر والحليّ ، ومهد كبير كثير الذّهب ، وبين يدي الجهاز الأميران كوهرائين وبرسق. فأرسل الخليفة وزيره أبا شجاع إلى تركان خاتون ، وبين يديه ثلاثمائة مركبية ، ومثلها مشاعل. ولم يبق في الحريم دكّان إلّا وقد أشعل فيها الشّمع.
وأرسل الخليفة محفة لم ير مثلها.
وقال الوزير لتركان : يقول أمير المؤمنين : إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها ، وقد أذن في نقل الوديعة إليه.
فأجابت ، وحضر نظام الملك فمن دونه ، وكلّ معهم الشّمع والمشاعل.
وكان نساء الأمراء بين أيديهن الشّمع والمشاعل. ثمّ أقبلت الخاتون في محفّة مجلّلة بألوان الذّهب والجواهر الكوشيّ ، قد أحاط بالمحفّة. مائتا جارية من الأتراك بالمراكب العجيبة ، فسارت إلى دار الخلافة. وكانت ليلة مشهودة لم ير ببغداد مثلها. وعمل الخليفة من الغد سماطا لأمراء السلطان ، يحكى أنّ فيه
__________________
(١) في الكامل في التاريخ ١٠ / ١٦٠.