واستظهر ابن جهير وحاصر شرف الدّولة. فراسل شرف الدّولة أرتق وبذل له مالا ، وسأله أن يمن عليه ، ويمكنه من الخروج من آمد. فأذن له ، فساق على حمية ، وقصد الرّقة ، وبعث بالمال إلى أرتق. وسافر فخر الدولة إلى خلاط.
وبلغ السّلطان أن شرف الدّولة قد انهزم وحصر بآمد ، فجهز عميد الدّولة بن جهير في جيش مددا لأبيه ، فقدم الموصل ، وفي خدمته من الأمراء :قسيم الدّولة آقسنقر جدّ السلطان نور الدّين رحمهالله ، والأمير أرتق ، وفتح له أهل الموصل البلد فتسلّمه (١)
مصالحة السلطان وشرف الدولة
وسار السّلطان بنفسه ليستولي على بلاد شرف الدّولة بن قريش ، فأتاه البريد بخروج أخيه تكش بخراسان ، فبعث مؤيد الدّولة بن النّظام إلى شرف الدّولة ، وهو بنواحي الرحبة ، وحلف له ، فحضر إلى خدمة السّلطان ، فخلع عليه ، وقدّم هو خيلا عربية من جملتها فرسه بشار ، وكان فرسا عديم النّظير في زمانه ، لا يسبق. فأجري بين يديه ، فجاء سابقا ، فوثب قائما من شدّة فرحه ، وصالح شرف الدّولة (٢)
عصيان تكش على أخيه السلطان
وعاد إلى خراسان لحرب أخيه ، وكان قد صالحه. فلمّا رأى تكش الآن بعد السلطان عنه عاد إلى العصيان ، فظفر به السّلطان فكحله وسجنه (٣) ، وليته قتله ، فإنّه قصد مرو ، فدخلها وأباحها لعسكره ثلاثة أيّام ، فنهبوا الأموال ، وفعلوا
__________________
(١) تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) ٣٥٢ (سويم) ١٩ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ١٣٤ ، ١٣٥ ، ذيل تاريخ دمشق ١١٧ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٧٥ ، ٧٦ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٥ ، تاريخ الفارقيّ ٢١١ ، ٢١٢ ، ٢٢١ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٢٤٨ ، الدرّة المضيّة ٤٠٩ ، ٤١٠ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٨١ ، ٣٨٢ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٥ و ٤ / ٢٦٨ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٢٦.
(٢) تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) ٣٥٢ (سويّم) ١٩ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ١٣٦ ، التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية ٥ ، ذيل تاريخ دمشق ١١٧ ، زبدة الحلب ٢ / ٨٤ ـ ٨٦ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٧٦ ، ٧٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٥ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٨٢ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٥.
(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٣٧ ، ١٣٨ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٢٦.