منها مائة للمنقطعين ، ورحل في رابع ذي القعدة ، فلمّا وصل في الموكب إلى باب قطفتا (١) قال رجل : يا مولانا أنا مظلوم. وتقرّب ، فزجره الغلمان ، فقال : دعوه. فتقدّم إليه ، فضربه بسكّين في خاصرته ، فصاح الوزير : قتلني. ووقع وانكشف رأسه ، فغطّى رأسه بكمّه على الطّريق ، وضرب ذلك الباطنيّ بسيف. فعاد وضرب الوزير ، فهبروه بالسّيوف. وقيل : كانوا اثنين ، وخرج منهم شابّ بيده سكّين فقتل ، ولم يعمل شيئا ، وأحرق الثّلاثة. وحمل الوزير إلى داره ، وجرح الحاجب.
وكان الوزير قد رأى أنّه معانق عثمان رضياللهعنه ، وحكى عنه ابنه أنّه اغتسل قبل خروجه ، وقال : هذا غسل الإسلام فإنّي مقتول بلا شكّ. ثمّ مات بعد الظّهر ، ومات حاجبه باللّيل.
وعمل عزاء الوزير ، فلم يحضره إلّا عدد يسير ، فتعجّب من هذه الحال فإنّه قد يكون عزاء تاجر أحسن من ذلك. وكان انقطاع الدّولة إرضاء لصاحب المخزن.
ولما كان في اليوم الثّاني لم يقعد أولاده ، فلمّا علم السّلطان بالحال أمر أرباب الدّولة بالحضور فحضروا. وتكلّمت على كرسيّ (٢).
[حجابة ابن طلحة الباب]
ثمّ ولّي ابن طلحة حجابة الباب ، وبعث صاحب المخزن بعلامة بعد ثلاث إلى الأمير تتامش فحضر ، فوكّل به في حجرة من داره ، ونفّذ إلى بيته ، فأخذت الطّبل والكوسات ، وكلّ ما في الدار. واختلفت الأراجيف في دينه ، وقيل إنه اتّهم بالوزير ، وخيف أن تكون نيّته رزيّة للخليفة ، فقيل إنّه كاتب أمراء خراسان ، وما صحّ ذلك.
__________________
(١) قطفتا : اسم قرية صارت الآن من محلّات بغداد ، وكانت مجاورة لمقبرة الشيخ معروف الكرخي.
(٢) المنتظم ١٠ / ٢٧٣ ، ٢٧٤ (١٨ / ٢٤٠ ، ٢٤١) ، الكامل في التاريخ ١١ / ٤٤٦ ، ٤٤٧ ، الروضتين ج ١ ق ٢ / ٧١٤ ، ٧١٥ ، مرآة الزمان ٨ / ٣٤٦ ـ ٣٤٩ ، دول الإسلام ٢ / ٧٨٦ مختصر التاريخ لابن الكازروني ٢٤١ ، خلاصة الذهب المسبوك ٢٧٩ ـ.