[منازلة الكرك]
وأمّا ابن الأثير فقال (١) : نازل الكرك ، ونصب المنجنيقات على ربضه وملكه ، وبقي الحصن وهو والرّبض على سطح واحد ، إلّا أنّ بينهما خندقا عظيما ، عمقه نحو ستّين ذراعا ، فأمر السّلطان بإلقاء الأحجار والتّراب فيه ليطمّه ، فلم يقدروا على الدّنوّ منه لكثرة النّشّاب وأحجار المجانيق ، فأمر أن يبنى من الأخشاب واللّبن ما يمكن للرجال يمشون تحت السّقائف ، فيلقون في الخندق ما يطمّه ، ومجانيق المسلمين مع ذلك ترمي الحصن ليلا ونهارا ، فاجتمعت الفرنج عن آخرها ، وساروا عجلين ، فوصل صلاح الدّين إلى طريقهم يتلقّاهم ، فقرب منهم ، ولم يمكن الدّنوّ منهم لخشونة الأرض وصعوبة المسلك ، فأقام ينتظر خروجهم إليه ، فلم يبرحوا منه ، فتأخّر عنهم ، فساروا إلى الكرك ، فعلم صلاح الدّين أنّه لا يتمكّن منهم حينئذ ، ولا يبلغ غرضه ، فسار إلى نابلس ، ونهب كلّ ما على طريقه من قرى الفرنج ، وأحرق نابلس وأسر وسبى ، واستنقذ الأسرى. وبثّ السّرايا يمينا وشمالا.
[خروج ابن غانية الملثّم بالمغرب]
قال (٢) : وفي شعبان خرج ابن غانية الملثّم وهو عليّ بن إسحاق ، من كبار الملثّمين الّذين كانوا ملوك المغرب ، وهو حينئذ صاحب ميورقة ، إلى بجّاية فملكها بقتال يسير. وذلك إثر موت يوسف بن عبد المؤمن ، فقويت نفس ابن غانية وكثر جموعه ، ثمّ التقاه متولّي بجاية ، وكان غائبا عنها. وكسر عليّ متولّي بجّاية ، وانهزم إلى مرّاكش ، واستولى ابن غانية على أعمال بجّاية
__________________
=٤ / ٢٣٩ ، دول الإسلام ٢ / ٩١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٩٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ٣١٥ ، مرآة الجنان ٣ / ٤١٧ ، العسجد المسبوك ١٩٠ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٠٢ ، شفاء القلوب ١١٤ ، السلوك ج ١ ق ١ / ٨٣ ، ٨٤ ، تاريخ ابن سباط ١ / ١٦٧ ، ١٦٨ ، تاريخ الأزمنة ١٨٥ ـ.
(١) في الكامل ١١ / ٥٠٦ ـ.
(٢) ابن الأثير في الكامل ١١ / ٥٠٧ ، ٥٠٨ ـ.