ومنه : وإذا ولّاه أمير المؤمنين ثغرا لم يبت في وسطه ، ولم يقم في ظلّ غرفه ، بل يبيت السّيف له ضجيعا ، ويصبح ومعتدل القتال له ربيعا ، لا كالّذين يطلبون أبواب الخلافة [كالعباد] (١) ولا يؤامروها في تصرّفاتها مؤامرة الاستعباد ، وكأنّ الدّنيا لهم إقطاع لا إيداع ، وكأنّ الإمارة لهم تخليد لا تقليد. وكأنّ السّلاح عندهم زينة كليله ولابسه ، وكأنّ مال الله عندهم وديعة ، لا يدر مانعة ولا كابسة ، وكأنّهم في البيوت الدّمى في لزوم خدرها ، لا في مستحسنات صورها ، راجين من الدّين بالعروة [الدّنيّة] (٢) ، ومن إعلاء كلمته بما يسمعونه على الدّرجات الخشبيّة ، ومن جهاد الخوارج باستحسان الأخبار المهلّبيّة (٣) ، ومن قتال الكفّار بأنّه فرض كفاية ، تقوم به طائفة فيسقط عن البقيّة.
[محاصرة السلطان الكرك]
وفيها سار السّلطان بجيوشه إلى الكرك فحاصرها ، ونصب عليها المجانيق ، ثمّ جاءته الأخبار باجتماع الفرنج ، فترك الكرك ، وسار إليهم بعد أن كان قد أشرف على أخذها ، فخالفوه في الطّريق إلى الكرك ، وأتوا إليها بجموعهم ، فسار إلى نابلس ، ثمّ إلى دمشق (٤).
__________________
(١) في الأصل بياض.
(٢) في الأصل بياض.
(٣) يقصد أخبار بني المهلّب بن أبي صفرة.
(٤) النوادر السلطانية ٦٣ و ٦٦ ، ٦٧ ، مضمار الحقائق ١٥٣ ، ١٥٤ ، الكامل في التاريخ ١١ / ٥٠٦ ، ٥٠٧ ، مفرّج الكروب ٢ / ١٥٧ ، ١٥٨ ، تاريخ الزمان ٢٠٢ ، زبدة الحلب ٢ / ٧٤ و ٧٨ ، ٧٩ ، الأعلاق الخطيرة ٢ / ٧١ ، ٧٢ ، المغرب في حلى المغرب ١٥١ ، الدرّ المطلوب ٧٨ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٦٨ ، مضمار الحقائق ١٨٨ ـ ١٩٠ ، العبر ٤ / ٢٣٩ ، دول الإسلام ٢ / ٩١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٩٤ ، مرآة الجنان ٣ / ٤١٧ ، البداية والنهاية ١٢ / ٣١٥ ، العسجد المسبوك ١٩٠ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٠٢ ، السلوك ج ١ ق ١ / ٨٣ ، ٨٤ ، شفاء القلوب ١١٤ ، تاريخ ابن سباط ١ / ١٦٧ ، ١٦٨ (٥٨٠ ه) ، الإعلام والتبيين ٣٢ ، ٣٣ ـ.