قال أبو شامة : وهذا الّذي ذكره أبو الحكم من عجائب ما اتّفق. وقد تكلّم عليه شيخنا السّخاويّ فقال : وقع في «تفسير» أبي الحكم أخبار عن بيت المقدس ، وأنّه يفتح في سنة ثلاث وثمانين. قال : فقال لي بعض الفقهاء : إنّه استخرج ذلك من فاتحة السّورة. فأخذت السّورة ، وكشفت عن ذلك ، فلم أره أخذ ذلك من الحروف ، وإنّما أخذه فيما زعم من (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) (١) فبنى الأمر على التاريخ كما يفعل المنجّمون ، ثمّ ذكر أنّهم يغلبون في سنة كذا ، وفي سنة كذا ، على ما تقضيه ووافر التّقدير. وهذه نجامة وافقت إصابة إن صحّ أنّه قال ذلك قبل وقوعه ، وليس ذلك من الحروف ، ولا هو من قبيل الكرامات. فإنّ الكرامات لا تكتسب ، ولا تفتقر إلى تاريخ ، ولذلك لم يوافق الصّواب لمّا أراد الحساب على القراءة الأخرى الشّاذّة وهي (غلبت) بالفتح ، ولو صحّ ذلك ، لأنّه قال في سورة القدر : لو علم الوقت الّذي نزل فيه القرآن لعلم الوقت الّذي يرفع فيه. فهذا ما ذكره.
[كتاب فاضلي بإبطال المكس بالرّقّة]
ومن كتاب إلى الدّيوان : أشقى الأمراء من سمّن كيسه وأهزل الخلق ، وأبعدهم من الحقّ من أخذ المكس وسمّاه الحقّ. ولمّا فتحنا الرّقّة أشرفنا على سحت يؤكل ، وظلم ممّا أمر الله أن يقطع ، وأمر الظّالمون أن يوصل ، فأوحينا إلى كافّة الولاة من قبلنا أن يضعوا هذه الرسوم بأسرها ، ويكفوا الرعايا من سائر أيّام ملكته بأسرها ، ونعتق الرّقّة من ربّها ، وتسدّ هذه الأبواب وتعطّل ، وتنسخ هذه الأمور وتبطل ، [وتبقى] (٢) ماهيّة الأحكام ، وأئمّة الخلود ، خالدة الدّوام ، تامّة البلاغ ، يانعة التّمام ، ملعون من يطمح إليها ناظره.
__________________
(١) سورة الروم ، الآيتان (٢ و ٣).
(٢) في الأصل بياض.