ويقول هنا أصحاب نظرية الحدوث ان الشيء المحدث متى ما أحدث وخلق فأنه يصبح بغنى عن المؤثر وغير محتاج إليه مرة ثانية ، اذ لم يبق له حاجة به لأن الشيء المحدث عند ما حدث وتم انقطعت علاقته مع مؤثره وان فرض علاقته به لا يعطى أى معنى لأنه ما ذا يعمل المؤثر فى المرة الثانية هل يعطى وجودا لموجود وهذا لا يمكن بالطبع لأن الموجود غير محتاج الى الوجود والا يكون ايجاد الموجود وهو محال وبتعبيرهم هو تحصيل الحاصل. واذا اعطى المؤثر وأوجد شيئا جديدا. وهو شيء جديد ومحدث آخر ليس هو الشيء المحدث الأول السابق. وبما أن المؤثر لا يعمل شيئا فى المحدث لا فى ايجاده بعد ان وجد ولا فى ابقائه لأن الابقاء تزويد الشيء بالوجود مرة ثانية ولا حاجة إليه لأن الموجود بما أنه موجود لا يحتاج الى الموجود ولا يبقى المؤثر مؤثرا.
(٣) «والجواب : لا نعنى بالتأثير تحصيل أمر جديد بل بقاء الأثر لبقاء المؤثر» (٤).
جواب الرازى هنا ليس مقنعا. فهو وان لم يكن تحصيل أمر جديد ، فانه استمرار وتزويد الموجود بالوجود لكى يبقى الموجود دائم الوجود. وصحة هذه الدعوى تقوم على اثبات وجود العلاقة المستمرة بين المؤثر والأثر ودوام حاجة الموجود الى الموجود حال وجوده.
وهنا ارى انه من الأحرى ان توضع هنا أقوال الشراح نصب الأعين حتى يمكن للقارىء الكريم المقارنة فى إيضاح وشرح وفهم عبارات الرازى حيث نتمكن من خلال ذلك تقديم وتقريب المعنى الى الأذهان.
يقول نصير الدين الطوسى فى شرح النصوص فى ب ج : «أقول : الحدوث هو كون الوجود مسبوقا بالعدم فهو للوجود الموصوف به. والصفة متأخرة بالطبع عن موصوفها. والوجود الموصوف به متأخر عن تأثير موجوده بالذات تأخير المعلول عن العلة. وتأثير الموجود متأخرا عن احتياج الأثر إليه فى الوجود تأخيرا بالطبع.
__________________
(٤) المحصل (هامش) ٥٤.