السواد موجود حكم بوحدة الاثنين ، ممنوع. لأن المراد من قولنا السواد موجود ليس هو أن حقيقة السواد هى حقيقة الموجودية بل المراد ان الذات التى يصدق عليها أنها سواد يصدق عليها أيضا أنها موجودة ولا امتناع فى صدق الأمور المتغيرة على ذات واحدة. وتحقيق ذلك يرجع الى تحقيق معنى الجمل والوضع وقد بيناه فى كتبنا المنطقية. فليطالع فيها وبعد احاطتك بهذا لا يخفى عليك فساد ما قاله بعد هذا من السؤال والجواب» (٢٦).
لا أرى حاجة للاطالة فى المقارنة بين المحصل وشروحه وانما أردت أن أجلب الانتباه الى بعض المسائل الفلسفية الكلامية عند المسلمين فى العصور الوسطى حيث انها تحافظ على حيويتها فى الفلسفة المعاصرة. وأحببت أن أذكر نقد الشراح للمحصل لتبين درجات فهمهم وادراكهم المسائل التى نقدوها أولا ودرجات الأخطاء التى وقع فيها فخر الدين الرازى ثانيا ، ودرجة قيمة المحصل العلمية ثالثا. والشيء الّذي يؤسف عليه اننا لم نحصل على كل الشروح للمحصل ونرجو أن تظهر للوجود فى المستقبل وعندى أربعة شروح.
١ ـ الشرح الّذي قام به تلميذ فخر الدين الرازى ، وهو قطب الدين أبو اسحاق ابراهيم بن على محمد السلمى قتل فى نيسابور سنة ١٦٨ ه ، ١٢٢١ م من قبل التتر الذين احتلوا تلك المدينة فى تلك الآونة (٢٧) لكن هذا الشرح ناقص اذا انه وصل الى القسم الثانى فى الصفات عند شرح المسألة السادسة فى قوله :
«واما القسم الثانى فهو أن يكون حاصلا فى مكان غير معين فى نفس الأمر فهو محال بالضرورة اما القسم الثالث فهو ان يقال ان كان مساويا لغيره من الأمكنة أو لا يكون مساويا لغيره من الأمكنة فكما جاز حلول الله تعالى فيه جاز حلوله فى غيره من الأمكنة لأن ما جاز على أحد المثلين جاز على مساويه فيفتقر
__________________
(٢٦) المفصل شرح المحصل للقزويني (٩ ـ ب).
(٢٧) وكان اصله معربيا وائعا انتقل الى مصر وافام بها مدة ثم سافر بعد ذلك الى بلاد العجم واشتغل على فخر الدين خطيب الرى وكان من اجل تلاميذه ابن الخطيب وصنف كتبا كثيرة في الطب والحكمة وشرح الكليات باسرها من كتاب القانون لابن سينا وكان يفضل المسيحي وابن الخطيب على الشيخ ابي على ابن سينا (عيون الاناء لابن ابي اصيبعة ٢/٤٥ ـ ٤٦ مصر ١٩٥٧ ، حسن المحاضرة لجلال الدين السيوطي ٩١/ ٤١٢ القاهرة ١٢٩٩. عمر رضا كحالة معجم المؤلفين ٩١/٣١٨).