التنبيه الرابع في استصحاب عدم التذكية : ـ
لا بد قبل البحث فيها من الرجوع إلى الأدلة الشرعية في أن الذي ثبت له الحلية والطهارة هو المذكى أو ان عنوان الميتة هو الذي ثبت له الحرمة والنجاسة فنقول ان الادلة الشرعية مختلفة جدا ففي بعضها يكون العنوان هو المذكى كقوله تعالى (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) ، وقوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ، وقوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ، وقوله (ع) في ذيل موثقة ابن بكير «إذا علنت أنه ذكي قد ذكاه الذبح» ، وبعض الاخبار المعللة لحرمة الصيد الذي ارسل اليه كلاب الصيد ولم يعلم انه مات بأخذ الكلب المعلم بالشك في استناد موته إلى المعلم ، وما ورد من جواز ترتيب احكام المذكى على المأخوذ من يد المسلم أو من سوق المسلمين أو غير ذلك مما هو امارة على التذكية فانه يعطي أن الطهارة والحل في اللحوم والجلود على خلاف الأصل وإلا لما احتاج في حليتها وطهارتها إلى قيام الامارة لأن الأمارة لا يصح ان تنصب على ما هو موافق للأصل وانما تنصب على مخالفته ومن هنا ذهب بعضهم إلى أن حصر الشارع للمحرمات يدل على حلية ما عداها. وفي بعضها الآخر يكون العنوان هو الميتة كما في قوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) على ظاهر الآية ، وقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) ما ورد من عدم جواز الصلاة في شيء من الميتة أو في جلده وإن دبغ سبعين مرة ، وقول الصادق (ع) في صحيحة الحلبي «وصل فيه حتى تعلم انه ميتة بعينه» وفي رواية اخرى «ما علمت انه ميته لا تصل فيه». وما ورد في تعليل الحكم بحرمة الطعام الذي مات فيه فارة بأن الله حرم الميتة من كل شيء إلى غير ذلك ، وعلى هذا فمقتضى ذلك كون كل منهما عنوانا على حده مستتبعا لحكم مغاير لما يستتبعه الآخر بل ومقتضى ذلك كون كل منهما أمرا وجوديا إذ لو لا ذلك لعبر الشارع عن العدمي منهما