إذا قلنا بأن الغاية في دليل أصل البراءة هو العلم التفصيلي فلا يتساقط أصل البراءة في أطراف العلم الاجمالي ويعمل بالأصل المذكور فيها لشمول دليله لها ولا تعارض فيها ، وقد تقدم بيان وجه عدم التعارض عن قريب من أن حاصله أن دليل الأصل إنما يثبت وجوب العمل بمؤداه ولا يدل على ثبوت لوازمه العقلية كنفي الآخر فلا يدل على بطلان العمل بمؤدى الآخر إلا بناء على حجية الاصل المثبت بخلاف دليل الأمارة فإنه يدل على حجيتها في مؤداها ونفي لوازمه لأن الامارة يثبت بها لوازمها فتدل على بطلان مؤدي الأخرى وتكون حجة فيه.
(شروط أصالة الاشتغال):
ثم ان العقل انما يحكم بالموافقة القطعية للعلم الاجمالي عند من يقول بوجوبها بشروط : ـ
أحدها : أن يكون كل واحد من أطراف العلم الاجمالي بحيث لو فرض القطع بثبوت موضوع التكليف فيه كان التكليف منجزا بسببه فلو لم يكن كذلك كما لو علم بالاضطرار إلى غير المعين منهما وجب عليه اجتناب أحدهما لأنه لم يضطر للحرام فيكون الحرام منجزا عليه لكن لما كان اجتناب هذا الحرام المنجز عليه لا يمكن إلا بترك أحدهما مع ارتكاب الآخر للاضطرار إلى أحدهما الغير المعين تعين عليه الموافقة الاحتمالية.
ثانيها : أن لا يكون مؤمن من مخالفته للعلم الاجمالي في أحد أطرافه فلو فرض وجود المؤمن كأن قامت إمارة أو أصل معتبر في أحد الاطراف بلا معارض على جواز المخالفة مثل ما لو علم إجمالا بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة وقامت الأمارة أو الأصل على عدم