امتثاله في هذا الفرد ، والمقدمة العلمية إنما تجب إذا كان التكليف معلوم وجوده فيها تفصيلا أو اجمالا ، وبعبارة أوضح إن الافراد المعلومة الخمرية يوجد فيها اشتغال الذمة يقينا فتجيء ، القاعدة العقلية من أن اشتغال الذمة اليقيني ليستدعي الفراغ اليقيني ، وأما الافراد المشكوكة الخمرية فهي غير متيقن اشتغال الذمة بها فلا اشتغال يقينيا بها حتى يستدعي هذا الاشتغال فراغ الذمة منها ، ومن هنا يظهر لك الجواب عن شبهة وجوب الاحتياط بدعوى إنا نعلم اجمالا بمجىء الشريعة بتكاليف كثيرة قد اشتغلت ذمتنا بها ، والاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني وهو لا يحصل إلا بالاحتياط بإتيان كل ما احتمل فيه التكليف في موارد الشبه.
فإنا نقول إن الاشتغال اليقيني بالتكاليف الشرعية إنما هو في مورد قيام الأمارات المعتبرة والاصول الصحيحة ، وأما في ما عدا ذلك فعندنا شك في اشتغال الذمة فلا يقين باشتغالها لا تفصيلا ولا إجمالا فلا يجيء أصل الاشتغال ، وبعبارة أوضح إن الذي يسلمه العقل ويحكم به هو وجوب تحصيل البراءة اليقينية بقدر ما ثبت به الاشتغال اليقيني وليس هو إلا الأقل الذي قامت عليه الامارات والادلة والأصول المعتبرة والزائد عليه مشكوك من أول الامر فلا تقتضي قاعدة الشغل وجوبه هذا مضافا إلى أن المشرع بوضعه للطرق والاصول يعلم منه اكتفائه بما قامت عليه ولم يلزم بما عداه في تكاليفه الشرعية وإلا لنصب عليه الطرق.
شرائط الرجوع لأصل للبراءة :
ثم أن الرجوع لأصل البراءة في المورد المشكوك التكليف يشترط فيه : ـ