وأما في العمل الذي قام عليه الخبر الضعيف فلأن الثواب لا يعقل أن يستحقه العبد إلا إذا قصد القربة بأي نحو من أنحائها بفعله وبعض أخبار (من بلغ) صرحت بذلك ومن هنا ظهر لك وجه حمل الفقهاء الرواية الضعيفة الصريحة في الوجوب فضلا عن الظاهرة فيه على الاستحباب وان وجه الحمل هو أخبار (من بلغ) باعتبار أن الرواية لما كانت غير مثبتة للوجوب ولكنها يتحقق بها بلوغ الثواب كانت مقتضية لاستحباب العمل وليس الوجه في ذلك كون ضعفها قرينة على الاستحباب حتّى يقال أن ضعف الرواية لا يكون قرينة على التجوز في دلالتها وهكذا حملهم للرواية الضعيفة الدالة على الحرمة على استحباب للترك إنما يكون من جهة ما ذكرناه.
كما ظهر أن مجرد فتوى الفقيه باستحباب الفعل لا يحرز بها البلوغ فلا يصح من الفقيه الاعتماد عليها لأحتمال أنه استند في فتواه الى رواية غير دالة على الثواب على العمل أو استند لحكم العقل بالتحسين أو التقبيح أو إلى أصل عقلي فانه في هذه الصور لا يتحقق عنوان البلوغ عن النبي (ص).
فتوى المجتهد بمقتضى أدلة التسامح :
من هنا ظهر لك صحة ما حكي عن المشهور من الفتوى باستحباب العمل المذكور من دون تقييد الفتوى بمن بلغه ثوابه كما عن بعض.
وكذا لا حاجة إلى أن يذكر في فتواه بالاستحباب بأن الخبر الضعيف قام على وجوبه واستحبابه ليتحقق بذلك عنوان البلوغ للمقلد كما عن بعض آخر لما عرفت من أن الاستحباب يثبت لنفس العمل عند المجتهد بواسطة قيام الخبر الضعيف بنحو الواسطة في الثبوت.
إن قلت ان هذا يتم لو كان بأخبار (من بلغ) يثبت حجية الخبر