المصدر السادس
الاستحسان
الاستحسان : قد يفسر بالدليل في مقابل القياس الجلي أعني القياس الذي تسبق اليه الافهام ، فإن الدليل الذي يعارض هذا القياس الجلي ويكون أقوى منه يسمى بالاستحسان سواء كان نصا من الكتاب أو السنة أو إجماعا أو قياسا خفيا أقوى من ذلك القياس الجلي وهكذا الرجوع للدليل المخصص أو المقيد لقاعدة كلية يعد من الاستحسان كالرجوع لقاعدة الحرج والضرر وبهذا تعرف أن الاستحسان يرجع للأدلة الاربعة المتقدمة. وقد تمسك به الاحناف والمالكية والحنابلة وهو بهذا المعنى لا ريب في صحته إذا كان يرجع فيه للدليل الصحيح الموجود في الواقعة الذي هو أقوى من غيره وقد يفسر الاستحسان بترك القياس والاخذ بما هو أوفق للناس أو بطلب السهولة في الاحكام فيما يبتلي به الأنام أو الاخذ بالسماحة وابتغاء ما فيه الرحمة ، ولا ريب في بطلان الاستحسان بهذه المعاني فإنه لا دليل على صحته ويلزم منه التلاعب بالاحكام الشرعية والقوانين الالهية واعطاء الناس رغباتهم في الاطاعة والامتثال وفي ذلك فساد عظيم وشر جسيم. وإلى هذا الاستحسان بهذا المعنى تشير الاخبار الدالة على أن دين الله لا يصاب بالعقول.
وعن الشافعي انه قال : «من استحسن فقد شرع» والاصح والذي هو محط نظر الفقهاء إن مرادهم بالاستحسان انه ما يستحسنه المجتهد بطبيعته وعادته وسليقته وذوقه من دون دليل شرعي معتبر