فيما ذكره المحقّق الطوسي رحمهالله في شرحه له
وقال المحقّق الطوسي رحمهالله في شرح كلامه الأوّل بهذه العبارة : لمّا كانت النفس الناطقة واقعة في آخر مراتب العود ، اشتغل بالبحث عن حالها بعد تجرّدها عن البدن ، فاستدلّ بتجرّدها في ذاتها وكمالاتها الذاتية عن المادّة وما يتبعها ، وبأنّها غير متعلّقة الوجود بشيء غير مباديها الدائمة الوجود على ما تبيّن في النمط الثالث وغيره ، على بقائها بعد الموت كذلك.
وأشار بلفظ «لمّا» إلى ما ثبت في النمط الثالث من عدم انطباع النفس في الجسم ، وبقوله «التي هي موضوع ما للصور العقلية» (١) إلى كمالاتها الذاتية الباقية معها ببقائها التي استدلّ على امتناع انطباعها في الجسم ، وبقوله «بل انّما هي ذات آلة بالجسم» إلى كيفيّة ارتباطها بالجسم على وجه لا يلزم منه احتياجها في وجودها وكمالاتها المذكورة إليه ، ثمّ جعل قوله «فاستحالة الجسم عن كونه آلة لها لا تضرّ جوهرها» تاليا لما وضعه بعد لفظة لمّا ، وأتمّ مقصوده بقوله «بل يكون باقيا هو مستفيد الوجود من الجواهر الباقية» وذلك لوجوب بقاء المعلول مع علّته التامّة.
فهذا برهان لمّي هو عمدة براهين هذا الباب على ما ذكره الشيخ أبو البركات البغدادي.
واعلم أنّ إسناده حفظ العلاقة مع الجسم هاهنا إلى الجسم ليس بمناقض لإسناده حفظ المزاج الذي هو سبب العلاقة في النمط الثالث إلى النفس ، لأنّ النفس كما كانت حافظة لهما بالذات فالجسم حافظ أيضا ولكن بالعرض ، وذلك لأنّ فساد المزاج المقتضي لقطع العلاقة ، إنّما يتطرّق من جهة الجسم وعوارضه ، ولذلك أسند استحالة البدن عن كونه
__________________
(١) المعقولة (خ ل).