عزوجل (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) (١) ، كيف هذا النفخ؟ قال : إنّ الروح متحرّك كالريح ، وإنما (٣) سمّي روحا لأنّه اشتقّ اسمه من الريح. وإنّما أخرجه على (٤) لفظة الروح لأنّ الروح متجانس للرّيح ، وإنّما إضافة إلى نفسه لأنّه اصطفاه على سائر (٥) الأرواح ، كما اصطفى بيتا من البيوت ، فقال : و «بيتي (٦)» ، وقال لرسول من الرّسل : «خليلي» وأشباه ذلك (٧) ، وكلّ ذلك مخلوق مصنوع مربوب مدبّر.
وهاتان الروايتان الأخيرتان قد رواهما الشيخ الكليني (ره) أيضا في الكافي عن أبي عبد الله عليهالسلام (٢).
ومثل ما رواه الكليني (ره) فيه عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سمعته يقول : المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمّه ، لأنّ الله تعالى خلق المؤمنين من طينة الجنان ، وأجرى في صورهم من ريح الجنّة ، فلذلك هم إخوة لأب وأمّ. انتهى.
وبيان التأويل في هذه الاخبار ، ـ والله ورسوله وحججه أعلم ـ أمّا في الخبر الأوّل فيستدعي تمهيد مقدّمة ، وهي :
إنّه من المعلوم المقرّر لدى العقلاء ، المسلّم عند الأطباء ، أنّ من الأسباب الستّة الضروريّة ، الهواء المحيط بالأبدان ، ويضطرّ إليه الإنسان والحيوان لتعديل الروح الحيواني الذي أشرنا إلى بيان حقيقته ، وإلى أنّه هو المطيّة الأولى للقوى النفسانيّة ، وأوّل شيء من البدن يتعلّق به النفس الإنسانيّة ، وأنّ هذا التعديل يحصل ويتمّ بفعلين : أحدهما الترويح ، وهو يحصل بالاستنشاق ، بأن ينبسط القلب والحجاب والرية والشرائين كلّها ، فتمتلئ هواء باردا بالقياس إلى الروح القلبيّ المتسخّن بالاحتقان والحركة. والفعل الثاني إخراج فضلات هذا الروح ، وهي الأبخرة المحترقة بردّ النفس ، بأن ينقبض الحجاب والرية والشرائين ، فيندفع تلك الفضلات والأبخرة ، بمنزلة زقّ الحدّادين ، يمتلئ هواء
__________________
(١) ص / ٧٢.
(٣) في المصدر : إنّما ...
(٤) عن لفظة ...
(٥) ساير ...
(٦) فقال : «بيتي» ...
(٧) «خليلي» ، وأشباه ذلك مخلوق مصنوع.
(٢) أصول الكافي ١ / ١٠٣ ـ ١٠٤ ، طبع المكتبة الإسلاميّة ـ طهران ، ١٣٨٨ ه.