الذي في إيساغوجي (١) هو العرض الذي في قاطيفورياس (٣) ، وقد بيّنّا هذه الأشياء لك في صناعة المنطق.
فبيّن أنّ النفس لا يزيل عرضيّتها كونها فى المركّب كجزء ، بل يجب أن تكون في نفسها لا في موضوع (٤) وقد علمت ما الموضوع. فإنّ كل (٢) نفس موجودة لا في موضوع ، فكلّ نفس جوهر ، وإن كانت نفس ما قائمة بذاتها ، والبوقي كلّ واحد منها في هيولى وليست في موضوع ، فكلّ نفس جوهر. فإن (٥) كانت نفس ما قائمة في موضوع وهي مع ذلك جزء من المركّب ، فهي عرض ، وجميع هذا كمال ، فلم يتبيّن لنا بعد أنّ النفس جوهر أو ليس بجوهر من وصفنا أنّها كمال. وغلط من ظنّ أنّ هذا يكفيه في أن تجعل (٦) جوهرا كالصورة.
فنقول : إنّا إذا عرفنا أنّ النفس كمال بأيّ بيان وتفصيل فصّلنا الكمال ، لم نكن (٧) بعد عرفنا النفس وماهيّتها (٨) ، بل عرفناها من حيث هي نفس ، واسم النفس ليس يقع عليها من حيث جوهرها ، بل من حيث هي مدبّرة للأبدان ومقيسة إليها ؛ فلذلك يؤخذ البدن في حدّها كما يؤخذ مثلا البناء في حدّ الباني ، وإن كان لا يؤخذ في حدّه من حيث هو إنسان ، ولذلك صار النظر في النّفس من العلم الطبيعيّ ، لأنّ النّظر في النفس من حيث هي نفس ، نظر فيها من حيث لها علاقة بالمادة والحركة ؛ بل يجب أن يفرد لتعرّضنا ذات النفس (٩) بحث آخر ، ولو كنّا عرفنا بهذا ذات النفس ، لما أشكل علينا وقوعها في أيّ مقولة تقع فيه (١٠) ، فإنّ من عرف وفهم ذات الشيء فعرض على نفسه طبيعة أمر ذاتيّ له ، لم يشكل عليه وجوده له ، كما أوضحناه في المنطق.
لكنّ الكمال على وجهين : كمال أوّل ، وكمال ثان ، فالكمال الأوّل هو الذي يصير به النوع نوعا بالفعل ، كالشكل للسيف. والكمال الثاني هو أمر من الامور التي تتبع نوع
__________________
(١) إيساغي خ ل.
(٣) في المصدر : في قاطيغوزياس ...
(٤) لا في موضوع البتّة ...
(٥) وإن كانت نفس ...
(٦) أن يجعلها جوهرا ...
(٧) لم يكن بعد ...
(٨) وماهيّتها ...
(٩) أن نفرد لتعرّفنا ذات النفس بحثا آخر ...
(١٠) مقولة تقع فيها.
(٢) فإن كان خ ل.