خارج ؛ بل حركة للقوى النفسانيّة أيضا إلى جهة حركة الأرواح بتبعيّتها ، لكونها كصور الأرواح ، وكون الأرواح حاملة لها تتحرّك بحركتها ؛ وكانت الحركة موجبة لحصول سخونتها فى جهة حركتها ، وكانت سخونتها موجبة لتحلّلها ، لكونها أجساما لطيفة في الغاية حارّة سهلة التحلّل جدّا ، فلا تسمح النفس بتحريكها الى جهة ، إلّا إذا كان معها ما يمدّها ، ليتدارك ما تحلّل منها بالحركة والسخونة ؛ وذلك الممدّ هو الجسم الذي من شأنه أن يكون غذاء للأرواح ، وبدلا عمّا تحلّل منها ، كالدم الصافي الشبيه بجوهرها ، والهواء المستنشق ، كما ذكرنا.
وبالجملة ، فهذا الممدّ ممّا لا بدّ منه في بقاء تلك الأرواح وحفظ صحّتها ومزاجها الموافق لها ، ولكونها مطيّة للنفس ومتعلّقة لها ، بحسب تفاوت مراتب احتياج الأرواح إلى ذلك الممدّ ، لتفاوت مراتب تحلّلها ، كما في حالات النوم واليقظة ، وكما في النوم بالنسبة إلى اليقظة ؛ فإنّ ذلك التحلّل في النوم ربّما كان أكثر ، لكون السخونة التي هي موجبة للتحلّل فيه أكثر ، لحصولها بالحركة إلى الداخل. وكذا بسبب احتقان الروح واحتباسه في الداخل ، بخلاف اليقظة ؛ فإنّ السخونة في اليقظة ـ من حيث هي يقظة ـ إنّما هي بسبب الحركة خاصّة ؛ ولا احتباس هاهنا إلّا أن يكون بسبب من خارج ، كما في المخنوق.
والحاصل أنّ هذا الممدّ ممّا لا بدّ منه ، وأنّه لو كان حاصلا ، لأمكن بقاء الأرواح وبقاء الحياة ؛ ولو انتفى لربّما أدّى إلى زوال الأرواح ، أو إلى تغيّر مزاجها وانقطاع علاقة النفس عنها وعن البدن ، فيحصل الموت ؛ وكلّ ذلك بإذن الله تعالى.
واذا تمهّدت هذه المقدّمة ، اتّضح لك أنّه يمكن تأويل هذا الحديث الشريف بأحد وجهين : أحدهما أمّا ما سألت من أمر الإنسان إذا نام أين يذهب روحه؟ فإنّ روحه ، أي روحه الحيوانيّة التي هي المطيّة الأولى لروحه الإنسانيّة وما به التعلّق بين النفس الإنسانيّة الناطقة وبين البدن ، متعلّقة لتعديلها كما ذكر بالروح ، أي بالهواء المستنشق الذي هو في حركته الانبساطيّة والانقباضيّة كالريح ، بل هو الريح نفسها ؛ لأنّ الريح ليست