إلّا هواء متحرّكا ، والهواء المستنشق أيضا كذلك. وتلك الريح متعلّقة بالهواء ، أي بمطلق الهواء ، لكونها بعضا منه ومستمدّة منه. فإذا نام صاحبها وأذن الله تعالى في بقاء حياة صاحبها ، وفي ردّ تلك الروح إلى (١) بدنه ، وحصل لها مدد من داخل ـ كما ذكر ـ جذبت تلك الروح الريح ، أي الهواء المستنشق ، وجذبت تلك الريح الهواء ، أي قدرا منه يكون مددا لها ، وبه يقوى الاستنشاق ، فتقوى الروح. فرجعت بإذن الله تعالى بعد خروجها للاستنشاق إلى داخل ، فسكنت في بدن صاحبها ؛ وبقيت علاقة النفس الإنسانيّة بالبدن لبقاء ما به الارتباط بينها وبين البدن فيه. وإن لم يأذن الله عزوجل برّد تلك الروح إلى صاحبها ، ولم يكن لها مدد من داخل أو من خارج ، جذب الهواء تلك الريح جذب الكلّ للبعض ، فجذبت تلك الريح الروح ، لكونها متعلّقة بها مصاحبة معها محتاجة إليها ، فتوجّهت بكلّيّتها إلى خارج ، فلم تردّ على صاحبها إلى وقت ما يبعث ، ولم ترجع إلى بدنه ، وانقطعت أيضا علاقة النفس الإنسانيّة عن بدن صاحبها ، لزوال ما به الارتباط عنه ، إلى أن يأذن الله تعالى بالعود في يوم المعاد.
الوجه الثاني ، أنّ روحه ـ أي روحه الإنسانيّة ـ متعلّقة بالريح ، أي أنّها متعلّقة أوّل تعلّق بالروح الحيوانيّة التي هي جسم لطيف رقيق مجانس للريح في صفاتها وأحوالها ، وتلك الريح ـ أي الروح الحيوانيّة ـ متعلّقة لأجل تعديلها بالهواء لأجل الاستنشاق ، فإذا نام صاحبها وضعفت علاقتها عن البدن وعن تلك الروح الحيوانيّة التي هي مطيّتها الاولى ، وتوجّهت إلى خارج البدن ومالت إلى الارتباط بما يجانسها من موجودات العالم الأعلى ، وتوجّهت الروح الحيوانيّة أيضا إلى خارج بتبعيّتها ، أو لأجل تعديلها واستنشاقها للهواء. فحينئذ ، إن أذن الله تعالى في ردّها إلى بدن صاحبها وبقاء علاقتها بالبدن وبمطيّتها الاولى ، قويت علاقتها بالبدن ، ورجعت إليه ، وجذبت تلك الروح ـ أي الإنسانيّة ـ الريح ـ أي الحيوانيّة ـ جذب الراكب لمطيّتها ، وجذب المتبوع لتابعها ، والمدبّر لما يدبّره ؛ وجذبت تلك الريح الهواء لأجل تعديلها واستنشاقها جذب المجانس لما
__________________
(١) في خ ل.