هو نقض حجّة المحتجّ ، وليس فيه إثبات ما يذهب (٤) إليه. فنقول : إنّ هذه المعقولات سنبيّن من أمرها بعد ، أنّ ما كان من الصور الطبيعيّة والتعليمات (١) ، فليس يجوز أن يقوم مفارقا بذاته ، بل يجب أن يكون في عقل أو في نفس ، وما كان من أشياء مفارقة ، فنفس وجود تلك المفارقات مباينة لنا ليس هو علمنا (٥) بها ، بل يجب أن نتأثّر عنها فيكون ما نتأثّر (٦) عنها هو علمنا بها ، وكذلك (٧) لو كانت صورا مفارقة وتعليمات (١) مفارقة ، فإنّما يكون علمنا بها ما يحصل لنا منها ، ولم تكن أنفسها توجد لنا منتقلة إلينا ، فقد بيّنّا بطلان هذا في مواضع. بل الموجود لنا منها هي الآثار الحاكية (٣) لها لا محالة ، وهي علمنا ذلك (٨) إمّا أن يحصل لنا في أبداننا او نفوسنا (٩) ، وقد بيّنا استحالة حصول ذلك فى أبداننا فبقي (١٠) أنّها تحصل في نفوسنا ، ولأنّها آثار في النفس ، لا ذوات تلك الأشياء ولا أمثال لتلك الأشياء (١١) ، أمثلة قائمة لا في موادّ بدنيّة أو نفسانيّة ، فيكون ما لا موضوع له يتكثّر نوعه بلا سبب يتعلّق به بوجه ، فهي أعراض في النفس». انتهى كلامه.
وأقول : لا يخفى عليك أنّ فيما نقلناه عن الشيخ في الكتابين غنية وكفاية في بيان ما رمنا هنا بيانه ، إلّا أنّك إن اشتهيت زيادة إيضاح المقام بحيث ينقشع عن بصيرتك سحاب الارتياب في هذا المرام ، وينكشف عن قلبك أغشية المرية والاوهام ، فاستمع لما يتلى عليك من الكلام.
فنقول : كما أنّ للوجود معنيين :
أحدهما معنى مصدريّ انتزاعيّ يعبّر عنه في العربيّة ب «الكون والحصول» ، وفي الفارسية ب «بودن».
والآخر ما به يصير الشيء موجودا ، وبه يصحّ انتزاع ذلك المعنى الأوّل الانتزاعيّ عنه.
__________________
(١) التعلميّات خ ل.
(٣) المحاكية خ ل.
(٤) في المصدر : ما تذهب ..
(٥) علمنا لها ...
(٦) يتأثّر ...
(٧) وكذلك إن كانت ...
(٨) وذلك يكون إمّا ...
(٩) أو في نفوسنا ...
(١٠) فيبقى ...
(١١) الأشياء قائمة.