الخارجيّة المطلوبة ، ولكان لا فرق بين الوجود العينيّ والوجود الذهنيّ ، وهذا باطل بالضّرورة. إلّا أنّ الظاهر منه أنّه أرجع الضمير المجرور في قول الشيخ : «غير مباين له» إلى المدرك ، وقد عرفت أنّه يمكن إرجاعه إلى الشيء أيضا.
وأمّا قوله (ره) أخيرا : «والمثال» في قوله : «أو يكون مثال حقيقته هو الصورة المنتزعة ، أو الصورة التي لا تحتاج إلى الانتزاع من الشيء الذي لو كان في الخارج لكان هو» فكأنّه إشارة إلى تعميم المثال بحيث يشمل الصورة المنتزعة من الخارج إن كان الإدراك مستفادا من خارج ، والصورة الحاصلة عند المدرك ابتداءً ، سواء كانت الخارجيّة مستفادة منها أو لم تكن ، كما ذكره في السابق ؛ وإن كان يمكن حمله أيضا على تعميم المثال بحيث يشمل الصورة المنتزعة من الأشياء الخارجيّة ، وماهيّات الأشياء التي ليس لها وجود في الخارج كما ذكرنا ، وهو (ره) أعلم.
وإذا عرفت ذلك ، فاعلم أيضا أنّ ما ذكره الشيخ في «الإشارات» من تنويع الإدراك إلى الأنواع الثلاثة ، أعني الحسّ والتخيّل والتعقّل ، ربما يتراءى كونه مخالفا لما ذكره في «الشفاء» ، حيث نوّعه إلى الأنواع الأربعة ، أعني : الحسّ والتخيّل والتوهّم والتعقّل» (١). وكأنّ وجه ما ذكره في «الشفاء» أنّ ذلك بيان للواقع. وأمّا وجه ما فعله في (الإشارات) فلعلّه هو ما اعتذر عنه المحقّق الطوسيّ (ره) في شرحه ، قال : «إنّ (٣) الإدراكات إذا قيست إلى مدرك واحد ، سقط الوهم عن الاعتبار ، لأنّه لا يدرك ما يدركه الحسّ والخيال بانفراده ، بل يدرك (٢) ما يدرك (٤) بمشاركة الخيال ، وبذلك يتخصّص مدركه ويصير جزئيّا ، ولذلك لم يعتبره الشيخ في هذا الكتاب واعتبره في سائر كتبه» ـ انتهى ـ.
__________________
(١) شرح الإشارات ٢ / ٣٢٣.
(٣) في المصدر : إلّا أنّها (أي الإدراكات) إذا قيست ...
(٤) ما يدركه.
(٢) شرح الإشارات ٢ / ٣٢٤.