يعرض للآلة كلال البتّة ، إلّا ويعرض للقوّة (٢) كلال كما يعرض لا محالة لقوى الحسّ والحركة. ولكن ليس يعرض هذا الكلال ، بل كثيرا ما يكون (٣) القوى الحسّيّة والحركتيّة في طريق الانحلال ، والقوّة العقلية إمّا ثابتة ، وإمّا في طريق النموّ والازدياد. وليس إذا كان يعرض لها مع كلال الآلة كلال ، يجب أن لا يكون لها فعل بنفسها ، وذلك لأنّك علمت أنّ استثناء عين التالي لا ينتج.
وأزيدك بيانا ، فأقول : إنّ الشيء (٤) إذا عرض له من غيره ما يشغله عن فعل نفسه فليس ذلك دليلا على أن لا فعل له بنفسه (٥) ، وأمّا إذا وجد قد (٦) لا يشغله غيره ولا (٧) يحتاج إليه ، دلّ على أنّ له فعلا بنفسه».
«زيادة تبصرة : تأمّل أيضا أنّ القوى القائمة بالأبدان بكلّها تكرّر الأفاعيل ، لا سيّما القويّة ، وخصوصا إذا اتبع (٨) فعل فعلا على الفور ، فكان الضعيف في مثل تلك الحال غير مشعور به ، كالرائحة الضعيفة إثر القويّة ، وأفعال القوّة العاقلة قد تكون كثيرا بخلاف ما وصف».
زيادة تبصرة : «ما كان فعله بالآلة ، ولم يكن له فعل خاصّ ، لم يكن له فعل في الآلة ، ولهذا فإنّ القوى الحسّاسة لا تدرك آلاتها بوجه ، ولا تدرك إدراكاتها بوجه ، فإنّها (٩) لا آلات لها إلى آلاتها وإدراكاتها ، ولا فعل لها إلّا بآلاتها. وليست القوي العقليّة كذلك ، فإنّها تعقل كلّ شيء». ـ انتهى ـ.
وقد ذكر في «الشّفاء» في مقام أنّ النّفس الإنسانيّة غير مادّيّة (١) ، هذه الوجوه مع وجوه اخر أيضا يوجب نقلها الإطناب في الباب. وكذا ذكر الحكيم ابن رشد المغربي في كتابه الموسوم : به «جامع الفلسفة» في مقام أنّ النّفس الإنسانيّة غير هيولانيّة جملة من تلك الوجوه التي ذكرها الشيخ.
__________________
(٢) في المصدر : للقوّة العاقلة ...
(٣) ما تكون ...
(٤) الشيء قد يعرض له ...
(٥) في نفسه ...
(٦) وقد لا يشغله ...
(٧) فلا يحتاج فدلّ ...
(٨) اذا اتّبعت فعلا فعلا على الفور ، وكان ...
(٩) لأنّها.
(١) الشفاء ـ الطبيعيّات ٢ / ١٨٧ فما بعد ، الفصل الثاني من المقالة الخامسة من الفنّ السادس.