أو ثانيا ، بل هو جزء للحيوان والنبات ، به يتمّ وجودهما ، سواء كان الجزء هو الجزء الذي فرضناه أوّلا أو ثانيا. وكيف ما كان ، فذلك المبدأ الّذي سمّيناه نفسا جزء من الحيوان والنبات به يتمّ وجودهما بالفعل ، سواء سمّيته صورة أو كالصورة ، أو كمالا أو كالكمال ، أو قوّة أو نحو ذلك من الأسامي.
فلنظر في ذلك وفي أنّ إطلاق أيّ هذه الأسماء عليه أولى وأحرى؟
وقوله : «فنقول الآن : إنّ النفس يصحّ أن يقال [لها] (١) بالقياس إلى ما يصدر عنها من الأفعال : قوّة. وكذلك يجوز أن يقال لها بالقياس إلى ما يقبلها من الصّور المحسوسة والمعقولة على معنى آخر : قوّة».
هذا نظر في أنّه هل يصحّ عليه إطلاق القوّة أم لا؟ وحيث كان بيانه يستدعي تفسير معاني القوّة وشرحها ، فلنذكرها حتّى يتّضح المقصود.
فنقول : قال الشيخ في «إلهيّات الشفاء» في فصل «في القوّة والفعل والقدرة والعجز» (٢) : إنّ لفظة القوّة وما يرادفها قد وضعت أوّل شيء للمعنى الموجود في الحيوان ، الذي يمكنه بها أن تصدر عنه أفعال شاقّة من باب الحركات ليست بأكثريّة الوجود عن الناس في كيفيّتها أو كمّيّتها (٣) ، ويسمّى ضدّه (٤) الضعف ، وكأنّها زيادة وشدّة من المعنى الذي هو القدرة ، وهو أن يكون الحيوان بحيث يصدر عنه الفعل إن (٥) شاء ، ولا يصدر عنه إذا لم يشأ ، الّتي ضدّها عجز (٦).
ثمّ نقلت عنه ، فجعلت للمعنى الذي لا ينفعل له وبسببه الشيء بسهولة ، وذلك لأنّه كان يعرض لمن يزاول الأفعال والتحريكات الشاقّة أن ينفعل أيضا منها ، وكان انفعاله والألم الذي يعرض له منه يصدّه عن إتمام فعله ، فكان إن انفعل انفعالا محسوسا قيل : له ضعف وليس (٧) له قوّة ، وإن لم ينفعل قيل : إنّ له قوّة. فكان «أن لا ينفعل» دليلا على المعنى
__________________
(١) في المصدر ؛ ومرّت في ص ١٠.
(٢) الشفاء ـ الإلهيّات / ١٧٠ ـ ١٧٦ ، الفصل الثاني من المقالة الرابعة ، أو فست مكتبة المرعشي ـ قم ، عن طبعة القاهرة (١٣٨٠ ه ـ ١٩٦٠ م).
(٣) في المصدر : في كمّيّتها وكيفيّتها ...
(٤) ضدّها ...
(٥) إذا شاء ...
(٦) العجز ...
(٧) وليست له.