الذي سمّيناه أوّلا قوّة.
ثمّ جعلوه اسم هذا المعنى ، حتّى صار كونه بحيث لا ينفعل إلّا يسيرا تسمّى (١) قوّة ، وإن لم يفعل شيئا.
ثمّ جعلوا الشيء لا ينفعل البتّة أولى بهذا الاسم ، فسمّوا حالته من حيث هو كذلك قوّة.
ثمّ صيّروا القدرة نفسها (وهي الحالة التي للحيوان ، وبها يكون له أن يفعل وأن لا يفعل بحسب عدم المشيئة وزوال العوائق) قوّة ، إذ هو مبدأ الفعل.
ثمّ أنّ الفلاسفة نقلوا اسم القوّة ، فأطلقوا لفظة (٢) القوّة على حال يكون (٣) في الشيء ، هو مبدأ تغيّر يكون منه في الآخر من حيث ذلك آخر ، وإن لم تكن (٤) هناك إرادة ؛ حتّى سمّوا الحرارة قوّة ، لأنّها مبدأ تغيّر من آخر في آخر بأنّه آخر ، حتّى أنّه إذا حرّك نفسه أو عالج نفسه وكان مبدأ التغيّر منه فيه ، فليس ذلك فيه من حيث هو قابل للعلاج و (٥) الحركة ، بل من حيث هو آخر ، بل كأنّه شيئان : شيء له قوّة أن يفعل ، وشيء له قوّة أن ينفعل. ويشبه أن يكون الأمران منه مفرّقين (٦) في جزءين ، فيكون مثلا المحرّك في نفسه ، والمتحرّك في بدنه ؛ وهو المحرّك بصورته ، والمتحرّك بمادّته ؛ فهو من حيث يقبل العلاج غير ، لذاته من حيث يعالج.
ثمّ بعد ذلك لمّا وجدوا للشيء (٧) الذي له قوّة بالمعنى المشهور ـ قدرة كانت أو شدّة قوّة ـ ليس من شرط تلك القوّة (٨) أن يفعل» وإمكان «أن لا يفعل» ، نقلوا اسم القوّة إلى الإمكان ، فسمّوا الشيء الذي وجوده في حدّ الإمكان : موجودا بالقوّة ، وسمّوا إمكان قبول الشيء وانفعاله : قوّة انفعاليّة.
ثمّ سمّوا تمام هذه القوّة : فعلا ، وإن لم يكن فعلا بل انفعالا ، مثل تحرّك أو تشكّل أو غير ذلك. فإنّه لمّا كان هناك المبدأ الذي يسمّى قوّة ، وكان الأصل الأوّل في المسمّى
__________________
(١) في المصدر : يسمّى قوّة ...
(٢) لفظ القوّة ...
(٣) تكون في ...
(٤) وإن لم يكن ...
(٥) أو الحركة ...
(٦) مفترقين في جزءين ...
(٧) وجدوا الشيء ...
(٨) تلك القوّة أن يكون بها فاعلا بالفعل ، بل له من حيث القوّة إمكان أن يفعل.