بهذا الاسم إنّما هو على ما هو بالحقيقة فعل ، سمّوا هذا الذي قياسه إلى ما سمّوه الآن : قوّة ، كقياس الفعل إلى المسمّى قديما قوّة باسم الفعل ، ويعنون بالفعل حصول الوجود ، وإن كان ذلك الأمر انفعالا أو شيئا ليس هو فعلا ولا انفعالا. فهذه هي القوّة الانفعاليّة ، وربّما قالوا : قوّة لجودة هذه وشدّتها.
والمهندسون لمّا وجدوا بعض الخطوط من شأنه أن يكون ضلع مربّع. وبعضها ليس ممكنا له أن يكون ضلع ذلك المربّع ، جعلوا ذلك المربّع قوّة ذلك الخطّ ، كأنّه أمر ممكن فيه ، وخصوصا إن (١) تخيّل بعضهم أنّ حدوث هذا المربّع هو بحركة ذلك الضلع على مثل نفسه.
وإذا (٢) عرفت القوّة فقد عرفت القويّ ، وعرفت أنّ غير القويّ : إمّا الضعيف ، وإمّا العاجز ، وإمّا السهل الانفعال ، وإمّا الضروريّ ، وإمّا أن لا يكون المقدار الخطيّ ضلعا لمقدار سطحيّ مفروض.
وقد يشكل من هذه الجملة أمر القوّة الّتي بمعنى القدرة ، فإنّها يظنّ أنّها لا تكون موجودة إلّا لما من شأنه أن يفعل ، ومن شأنه أن لا يفعل. فإن كان من (٣) شأنه أن يفعل فقط ، فلا يرد (٤) أنّ له قدرة ، وهذا ليس بصادق. فإنّه إن كان هذا الشيء الذي يفعل فقط ، يفعل من غير أن يشاء ويريد ، فذلك ليس له قدرة ولا قوّة بهذا المعنى ، وإن كان يفعل بإرادة ، إلّا أنّه دائم الإرادة ولا يتغيّر إرادته (٥) وجودا اتّفاقيّا ، أو يستحيل تغيّرها استحالة ذاتيّة. فإنّه يفعل بقدرة. وذلك لأنّ حدّ القدرة التي يؤثرون هؤلاء أن يحدّوها به موجود هنا (٦) ، وذلك لأنّ هذا يصحّ عنه أن يفعل إذا شاء وأن لا يفعل إذا لم يشأ ، وكلا هذين شرطيّان. أي أنّه إذا شاء فعل ، وإذا لم يشأ لم يفعل ، وأنّهما (٧) داخلان في تحديد القدرة على ما هما شرطيّان ، وليس من صدق الشرطيّ أن يكون هناك استثناء بوجه من الوجوه ، أو صدق حمل (٨) ، فإنّه ليس إذا صدق قولنا : «إذا لم يشأ لم يفعل» يلزم أن صدق «لكنه لم يشأ وقتا (٩)» ، وأنه (١٠) إذا كذب «أنه لا يشاء (١٠) البتّة» يوجب (١١) كذب قولنا : «وإذا لم يشأ لم يفعل» فإن هذا يقتضي
__________________
(١) في المصدر : إذ تخيّل ...
(٢) وإذ قد عرفت ...
(٣) كان لما من ...
(٤) فلا يرون أنّ ...
(٥) وإرادته ...
(٦) موجود هاهنا ...
(٧) وإنما هما ...
(٨) صدق حمليّ ...
(٩) وقتا ما ...
(١٠) أنّه لم يشأ ...
(١١) يوجب ذلك.