وأمّا القوة (١) الّتي في غير ذوات النّطق والتخيّل ، فإنّها إذا لاقت القوّة المنفعلة وجب هناك الفعل ، إذ ليس هناك إرادة واختيار ينتظر (٢) ، فإن انتظر هناك فيكون طبع منتظر (٣) فإذا كان يحتاج إلى طبع ، فلذلك الطبع هو إمّا المبدأ للأمر أو جزء (٤) من المبدأ. والمبدأ مجموع ما كان قبل وما حصل ، ويكون حينئذ نظيرا للإرادة المنتظرة ، لكنّ الإرادة تفارق هذا من حيث تعلم.
والقوّة الانفعاليّة أيضا التي يجب إذا لاقت الفاعل أن يحدث الانفعال في هذه الأشياء ، هي القوّة الانفعاليّة التامّة ؛ فأنّ القوّة الانفعاليّة قد تكون تامّة وقد تكون ناقصة ، لأنّها قد تكون قريبة وقد تكون بعيدة ، فإنّ في المنيّ قوّة أن يصير رجلا ، وفي الصبيّ أيضا قوّة أن يصير رجلا ، لكنّ القوّة التي في المنيّ تحتاج إلى أن تلقاها أيضا قوّة محرّكة قبل التحرّك إلى الرجليّة ، لأنّها تحتاج أن تخرج إلى الفعل شيئا ما غير الرجل ، ثمّ بعد ذلك يتهيّأ أن يخرج (٥) إلى الفعل رجلا بالحقيقة ، فإن (٦) القوّة الانفعاليّة الحقيقيّة هي هذه. وأمّا المنيّ فبالحقيقة ليست فيه بعد قوّة انفعاليّة ، فإنّه يستحيل أن يكون المنيّ وهو منيّ ينفعل رجلا ، لكنّه لمّا كان في قوّته أن يصير شيئا (٧) غير المنيّ ثمّ انتقل (٨) بعد ذلك إلى شيء آخر ، كان هو بالقوّة أيضا ذلك الشيء ، بل المادّة الاولى هي بالقوّة كلّ شيء. فبعض ما يحصل فيها يعوقها عن بعض ، فيحتاج المعوق عنه إلى زواله ، وبعض ما فيه لا يعوق عن بعض آخر ، ولكنّه يحتاج إلى قرينة اخرى حتّى يتمّ الاستعداد ، وهذه القوى هي بعيدة (٩).
وأمّا القوة القريبة فهي الّتي لا تحتاج إلى أن تقارنها قوّة فاعليّة قبل القوّة الفاعليّة التي تنفعل عنها ، فإنّ الشجرة ليست بالقوّة مفتاحا ، لأنّها تحتاج إلى أن يلقاه (١٠) أوّلا قوّة فاعليّة غير (١١) الفاعليّة المفتاحيّة ، وهي القوّة القالعة والناشرة والناحتة ، ثمّ بعد ذلك يتهيّأ لأن ينفعل (١٢) من ملاقاة القوّة الفاعليّة للمفتاحيّة مفتاحا (١٣).
والقوى بعضها يحصل بالطباع ، وبعضها يحصل بالعادة ، وبعضها بالصّناعة ، وبعضها
__________________
(١) في المصدر : القوى ...
(٢) تنتظر ...
(٣) ينتظر ...
(٤) وإمّا جزء ...
(٥) أن تخرج ...
(٦) رجلا ، وبالحقيقة فإنّ ...
(٧) شيئا من قبل ...
(٨) ثمّ ينتقل ...
(٩) قوّة بعيدة ...
(١٠) تلقاها ...
(١١) قبل الفاعليّة ...
(١٢) تتهيّأ لأن تنفعل ...
(١٣) للمفتاحيّة. والقوى.