يحصل بالاتّفاق ، والفرق بين الّذي يحصل بالصناعة والّذي يحصل بالعادة ، أنّ الذي يحصل بالصناعة هو الّذي يقصد فيه استعمال موادّ وآلات وحركات ، فتكسب النفس ملكة بذلك (٤) كأنّها صورة تلك الصناعة. وأمّا الّذي بالعادة ، فهو ما يحصل من أفاعيل ليست مقصودة فيها ذلك ، (٥) بل إنّما تصدر عن شهوة أو غضب أو رأي ، أو يتوجّه فيها القصد إلى غير هذه الغاية ثمّ يتبعها (٦) غاية هي العادة ، ولم تكن تقصد ، ولا تكون العادة بنفس ثبوت صورة (٧) تلك الأفاعيل في النفس. وربّما لم تكن (٨) للعادة آلات ومواد معيّنة ، فإنّه لا سواء أن يعتاد إنسان المشي وأن يعتاد النّجارة (٩) من الجهة التي قلنا ، وبينهما تفاوت شديد.
ثمّ مع ذلك (١٠) ، فإنّك إذا دقّقت النظر ، عاد حصول العادة والصناعة إلى جهة واحدة.
والقوى التي بالطبع (١١) ، منها ما يكون في الأجسام الغير الحيوانيّة ، ومنها ما يكون في الأجسام الحيوانيّة». انتهى (١).
ثمّ إنّه حقّق الكلام في إثبات العادة لكلّ متكوّن ، وكون كلّ حادث مسبوقا بالمادّة بما لا مزيد عليه. وقال في آخره (٢) : «ونحن نسمّي إمكان الوجود قوّة الوجود ، ونسمّي حامل الوجود (١٢) الذي فيه قوّة وجود الشيء موضوعا وهيولى ومادّة وغير ذلك بحسب اعتبارات مختلفة ، فإذن كلّ حادث فقد تقدّمته المادّة» انتهى.
وقال صدر الأفاضل في (الشواهد الربوبيّة) في الإمكان والوجوب والقوّة والفعل (٣) : «إنّ الإمكان (١٣) معناه سلب ضرورة الوجود والعدم عن الماهيّة ، وهو صفة عقليّة لا يوصف بها ما لا مادّة في الخارج ولا في نفس الأمر. فالمبدعات إنّما لها في نفس الأمر الوجود
__________________
(٤) في المصدر : بذلك ملكة ...
(٥) ليست مقصورة فيها ذلك فقط ...
(٦) ثمّ قد تتبعها ...
(٧) نفس ثبوت ذلك ...
(٨) يكن ...
(٩) التجارة ...
(١٠) ومع ذلك ...
(١١) تكون بالطبع ...
(١٢) حامل قوّة الوجود ...
(١٣) الإمكان معناه.
(١) الشفاء ـ الإلهيّات ١٧٠ ـ ١٧٦.
(٢) نفس المصدر / ١٨٢.
(٣) الشواهد الربوبيّة / ٨٣ ـ ٨٤ ، تعليق وتصحيح السيّد جلال الدين الآشتياني ، أوفست «مركز نشر دانشگاهى» ، ١٣٦٠ ه ـ.